لا يمكن لأحد منا أن ينكر أهمية الشباب؛ ولعلنا لا نغفل قول الله في أهل الكهف: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾ فدور الشباب في هذا العالم هو الدور الأكبر، فهم مستقبل الأمة القريب، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية إيصال الدين إلى عباد الله عملاً وتطبيقاً لا قولاً وشعارات، ولا يمكن للأديب أن يغفل معاناة الشباب في عصرنا هذا ولذلك لا بد من طرح العلاج لرفع معنوياتهم وتثبيتهم وحثهم على الوقوف أمام المرآة ليعرفوا قيمتهم وحقيقة مكانتهم، ويواجهوا مسؤوليتهم في هذه الحياة بروح إسلامية بكل ما في الإسلام من رحمة وعفاف وأخلاق.
فما أن ألج مقهى للانترنيت، أو مكتبة من المكتبات، أو أرى حاسوبا يقبع أمامه شاب؛ إلا وتساءلت في نفسي عن سر هذا الاهتمام من هذه الشريحة بالوابل الأزرق: “الفيسبوك”، وكل من جلست معه، أو حاورته عن هذا الأمر إلا بدت منه أجوبة بعيدة عن الحقيقة والواقع الذي يمر منه الشباب؛ إذ أن الخواء والفراغ الروحي الذي يغلب على كثير من شباب العصر لهو أمر مقلق للغاية، وينبئ عن حجم الكارثة التي تسيطر عليهم.
فقد أكدت العديد من الدراسات الميدانية أن الشباب المغربي بالأخص؛ يعتبر الإنترنيت مصدرا مهما للمعرفة، ويعرف إقبالا واسعا من هذه الشريحة، إذ أن “الفيسبوك” التي يلجأ إليها الشباب للتعبير عما بداخلهم من أفكار وأطروحات؛غالبا ما تعرف رفضا على مستوى المجتمع المغربي، وعند نظرنا إلى هذه الأفكار والأطروحات الشبابية التي تأخذ بتلابيبهم نجد:
-الدعوة إلى فتح العلاقات المنحرفة بين الشباب والفتيات!!
-الاستهتار بالقيم والآداب العامة بل والدعوة إلى تجاوزها!!
-الدخول في مغامرات قصد الاكتشاف واللعب!!
-الخمول والتواكل وعدم الاهتمام بما فيه منفعة!!
إذن فطبيعي جدا أن تعرف هذه الأمور رفضا تاما من المجتمع، لهذا ولغيره يكون الحل الأبرز في نظرهم هو الدخول في عالم الانترنيت للتنفيس عما بداخلهم!! إذ أن كثيرا من شبابنا لا يعرف الاستسلام للأمر الواقع ما لم تتداول وتناقش أفكارهم بعقلانية وواقعية؛ لكن الأمر حقيقة يزداد غرابة عندما تسمع عن أشياء أقل ما يقال عنها أنها مستحيلة الوجود، فيصبح الأمر مجرد أوهام وتخيلات.
والواهم في وضع مزدوج فهو من جهة ضحية وهمه، ومن جهة أخرى متواطئ مع وهمه برفضه التحرر منه، فالوهم يسجن الإنسان في المظاهر فنتيجة لذلك أضحى كثير من الشباب لديهم إدمان في استخدام الفيسبوك حتى أصبح يستيقظ معه وينام جنبه.
وشغلهم ذلك المارد عن أعمالهم الدنيوية وحتى الدينية منها، إلى أن أصبحت غاية لدى الكثيرين، مع أنها لا تعدو أن تكون وسيلة وسلاحا ذو حدين؛ فإما أن ينفعك في دينك ودنياك إن أحسنت استثماره واستخدامه، واتقيت الله فيه، وجعلته نصب عينيك، وراقبته في كل حرف أو تغريدة أو مشاركة، وبخلافه سيكون وبالا عليك، وستندم على كل لحظة قضيتها فيه؛ وبالتالي فالواهمون فقط واهمون، وسيستيقظون يوما ولابد لتتضح لهم الصورة الحقيقية لما كانوا عليه، ويتأكدوا أن الوهم يبقى مجرد سراب خادع، وشبكة اصطيادية وقع في فخها من لا حصانة له تقيه من مصارع التيه والأحلام، فيجدون أنفسهم في تناقض بين الواقع وما كانوا عليه، ومن هنا تنشأ بعض السلوكيات الشاذة التي عانى ويعاني منها المجتمع المغربي اليوم: (اكتئاب/حزن/قلق/إدمان/جرائم/انتحار…).