الوجه الآخر لفلاسفة الغرب الياس الهاني

ما فتئ العلمانيون ومن سار على نحوهم يؤكدون على أن ما وصل إليه الغرب من حضارة وتقدم إنما كان نتيجة تركهم للدين واعتمادهم على نظريات الفلاسفة!! الذين تخلصوا من كل ما يمكن أن يقيد رأيهم وفكرهم وجهدهم، ليصلوا بعد ذلك إلى أن السبيل الوحيد لنهضة المسلمين من جديد هو ترك الإسلام وأحكامه جانبا كما ترك الأوربيون دينهم والسير في ركبهم والنهل من معين فلاسفتهم!!!
وفي هذا من المغالطات الشيء الكثير؛ فقد فاقت حضارة الإسلام يوم تشبثهم الحقيقي بدينهم ما يبهر العقول -واسألوا فلاسفة الغرب ينبئوكم بذلك- ولا يدرون -أو يتعمدون الإخفاء- أن أولئك الفلاسفة الذين يتشبثون بغرزهم ويقتفون أثرهم كان لهم وجه آخر لا يعلمه الكثير؛ وهو وراء سر هذا الانحلال، والدعر، والوباء السرطاني الجنساني الذي يعيشه الغرب، ومن سار على دربهم وهذا بعض ذلك:
– تشيللني: الذي عاش في القرن السادس عشر يتحدث فيقول بعد أن رزق بطفلة: “لم يسبق لي أن رزقت بأطفال غيرها على ما أذكر وبقدر ما تسعفني الذاكرة، وخصصت بعد ذلك نفقة للام كافية بحيث أرضت إحدى خالاتها التي عهدت إليها بها ولم أرها بعد ذلك أبدا”. انظر: “تشكيل العقل الحديث” ص40 لكرين يرينتون، فالمسكين لا يدري ما إذا كان له أولاد آخرون أم لا بل خصص لابنته بضعة دراهم ثم لم يرها أبدا ما أجمل هذه الأخلاق!!
– فرنسيس بيكو: أعظمُ عقلٍ في العصر الحديث، ومؤسس المنهج التجريبي والمفكر الغزير، هذا الرجل لم يكن فاضلاً كريمَ النفسِ وإنما كان خائناً غادراً، مختلساً، انتهازياً منعدمَ الضمير فلقد خان صديقَه العزيز أسكس الذي أحسن إليه عندما كان بحاجةٍ إلى الإحسان، ولما عُيّن عضواً في المحكمةِ، أصدر الحكمِ عليه بالإعدام فارتقى في منصبَه إلى رئيسِ الوزراء، فاشتغل بالتآمر والدسيسة، واتُهم بالاختلاس، وتقبُّل الرشاوي من المواطنين، ودخل السجن، وحُكم عليه بالغرامةٍ. انظر: “تشكيل العقل الحديث” لبرينتون ص79، و”قصة الفلسفة” لديورانت ص:139، و”تاريخ الفلسفة الحديثة” لوليم كلي رايت ص:60، و”تاريخ الفلسفة الغربية” لبرتراند رسل ص:79، و”الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:57.
– ليوناردو دافنشي: هذا الرجل لم يكن أبواه على علاقة شرعية وإنما ولد من زنا ولا يعرف والده. انظر: “تاريخ الفلسفة الغربية” لبرتراند رسل ص:37، وكتاب “الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:50.
– ايرازموس: هذا الفيلسوف كان أيضا ابن زنا وليس العيب فيه وإنما في والده الذي كان قسيسا وعلى قدر من العلم. انظر: “تاريخ الفلسفة الغربية” لبرتراند رسل ص:37، وكتاب “الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:50.
– ديكارت: الذي يدعى أبا الفلسفة الحديثة، لم يتزوج إلا انه أنجب ابنة غير شرعية توفيت في الخامسة من عمرها وتحسر عليها طيلة حياته. انظر: “الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:60، و”تاريخ الفلسفة الغربية” لبرتراند رسل ص:108.
– جان جاك روسو: الذي يوصف بالفيلسوف العظيم، فقد كان سافلا لصا مخادعا غادرا خائنا كاذبا دون أن يجد أي غضاضة في الاعتراف بذلك في كتابه: “اعترافات روسو”، وكان مجردا من جميع الفضائل، لحق بالكاثوليكية طمعا في بعض المغانم، فآوته سيدة اسمها مدام ميرسكي، فسرق منها شيئا يخصها فلما اكتشف أمره وخشي أن يفتضح اتهم خادمتها زورا بالسرقة، ولم يكن مسلكه الجنسي أفضل حالا، فقد كان منفلتا إلى أقصى الحدود؛ حيث تعرف في ايطاليا على سيدة تدعى مدام وارتيز كانت بروتستانتية وتحولت مثله إلى الكاثوليكية، وكان في البداية يدعوها “أمي”، ثم تحولت إلى خليلة وعاش معها في بيتها يعاشرها معاشرة الأزواج، دون أن يكدره أنها كانت تضاجع خادمها الخاص إلى جانبه، ولما مات الخادم حزن عليه ولم يعزه سوى علمه بأنه سيستولي على ثيابه من بعده، وفي سنة 1745 تعرف على خادمة تدعى تيريز لي فاسبر عاش معها بقية حياته دون زواج وأنجب منها خمسة أطفال أدخلهم جميعا دار اللقطاء، وفي آخر حياته سيطرت عليه الوساوس وجنون الاضطهاد فمات منتحرا. انظر: “تاريخ الفلسفة الغربية” لبرتراند رسل ص:288و289، و”الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:180.
– وليم جودوين: هذا الفيلسوف الذي لم يعر أي اهتمام لاختطاف ابنته من تلميذه الفيلسوف شلي لأنه وجد مبررا لاقتراض المال منه حتى آخر حياته دون أن يرد له شيئا. انظر: “الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:193.
– شلي: فقد كان مثالاً للإباحيةِ والانحراف إذ خطف ابنةَ أستاذه وليم جودوين واسمها ماري، وكانت في السابعةَ عشرةَ من عمرها وعاشا معاً عيشةَ الأزواج، وأنجبا ابنًا غيرَ شرعيٍّ، وكان شلي متزوجاً قبل ذلك فلما علمت زوجتُه بذلك أقدمت على الانتحار. انظر: “الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:198.
– ريتشارد كارليل: صاحب كتاب “الأبطال” كان يعيش مع آليزا شاربلز دون زواجٍ في بيتٍ واحد، وأنجبا أربعةَ أطفالٍ غيرَ شرعيين. انظر: “الإلحاد في الغرب” لرمسيس عوض ص:238.
– أوجست كونت: أستاذ الفلسفة الوضعية فقد وقع في حب كارولين ماسان وهي فتاةٌ تشتغل بالبغاء، فتزوجها وأخلصت له بطريقتها الشاذة، ولما وقعا في ضائقةٍ مالية اقترحت عليه أن تُسهم في معيشتهما بما تحصلُ عليه عن طريق مهنتها القديمة، ولكنه رفض ثم انفصلا. انظر: “تاريخ الفلسفة الحديثة” لوليم كلي رايت ص:379.
– شوبنهاور: فقد كان مصاباً بنوع من الهوس والمرض النفسيِّ، -وقد عُرفت في عائلته حالاتٌ من الجنون- وكان شهوانياً داعراً، ولم يرتبط بأي امرأةٍ عن طريق زواجٍ شريف إلا في علاقات غراميةٍ مبتذلة، ومع ذلك كان ينددُ بالمرأة، ويمتدحُ العزوبية وكان شديدَ البخل، ويستخدمُ مراسلينَ يتصيدون له الشواهدَ على شهرته، ويصعبُ أن نجدَ في حياته شواهدَ على أي فضيلةٍ باستثناء الرفقِ بالحيوانات كما كان على خلافٍ شديدٍ مع أمه بسبب علاقاتها الشاذةِ مع الرجال بعد وفاة أبيه، وهجرَها فلم يرها في العشرينَ سنةً الأخيرةَ من حياتها. انظر: “تاريخ الفلسفة الحديثة” لوليم كلي رايت ص:335، و”تاريخ الفلسفة الغربية” لبرتراند رسل ص:385و386و391.
– نيتشه: صاحبُ إعلان موتِ الإله؛ فقد عاقبه الله عز وجل في الدنيا بأن قضى السنواتِ العشرِ الأخيرةِ من حياته مجنوناً، وكان أصابه قبل ذلك أيضاً مرضُ الزُّهريِّ نتيجةً لممارساته الجنسيةِ العابثة في لياليه الحمراء، وأصابه في جنونه هذيان العظمة وكان متجردا تماماً من التعاطف، متحجرُ القلب، قاسٍ، لا يعرف الشفقةَ، خبيثٌ، لا يعبأ إلا بقوته وكان قد أحب زوجة صديقه فاجنر، وحاربه في كتاباته من أجلها. انظر: “تاريخ الفلسفة الحديثة” لوليم كلي رايت ص:358-359، و”تاريخ الفلسفة الغربية” لبرتراند رسل ص:403، و”نيتشه” لفؤاد زكريا ص:24-25.
فهؤلاء هم نجمومهم وقادتهم العظماء ومثلهم العليا فلا غرابة أن نجد أحفادهم بهذه الحال. وللمزيد يرجع إلى: “ارتكاس القدوة” د.أحمد إدريس الطعان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *