العنف ضد المرأة (مستشفيات الولادة نموذجا) ذ. أحمد اللويزة

منذ مدة والحديث يملأ وسائل الإعلام عن العنف ضد المرأة رصدا للظاهرة وتقديما للأرقام والإحصائيات ورصدا للأسباب والحلول… والمتأمل في هذا النقاش يلحظ أنه يصور الواقع على أنه ساحة حرب وصراع مرير بين الرجل والمرأة، وأن الضحية هي المرأة بسبب العقلية الذكورية العنيفة وهلم جرا. لا أريد الخوض في أعماق الظاهرة وقد كتبت بالمناسبة من قبل مقالا عن عنف المرأة ضد المرأة، وتكلم الناس عن العنف الذي يتعرض له الرجل من طرف المرأة وما أكثره لاسيما العنف النفسي العنيف.
وإن كنا لا نريد تكريس هذه الفكرة -فكرة الصراع بين الرجل والمرأة- بالحديث عن من هو المتضرر من هذا الصراع وامتداداته، إذ المطلوب من العلاقة بينهما أن تكون أحلى مما في الوجود.
وهنا ألفت عناية الحقوقيين والجمعويين والحركات النسائية التي لا ترى في العنف المسلط على المرأة إلا ما يأتي من جهة (الرجل)، ولكن أخطر ما تتعرض له المرأة من عنف وإهانة بالغة وخطيرة يكون ذلك في أشد حالتها النفسية انكسارا، وأشد ضعفا، وأقوى رغبة في الحنان والعطف والرعاية… إذ تقول بعض الدراسات أن أشد ألم تجده المرأة في حياتها هو ألم وجع الولادة. هنا تتعرض المرأة لأبشع أنواع التعنيف والإهانة، ويا للأسف! من بنات جنسها؛ من الجنس اللطيف ممن يسمون زورا وبهتانا ملائكة الرحمة.
كل ولادة في مستشفى عمومي -إلا أن تشفع لها رشوة سمينة فحتى المتواضعة لا تحقق المطلوب-، وحتى مصحة خاصة تمتص عرق جبينك -وعن تجربة أتحدث- تحمل معها المرأة ذكريات أليمة من أسوأ الذكريات، عن ما عانته من طرف المولدات؛ من ضرب وسب واحتقار وتهكم وترك للمرأة في مواجهة المصير المجهول، ومكابدة الألم المرير، أحيانا تحت صيحات الضحك والاستهزاء…
وإني أجد نفسي عاجزا عن وصف المشاهد والمعاناة، فاللغة عاجزة عن التعبير عن الواقع الأليم. حتى إن المرأة لتكره اليوم الذي فكرت فيه أن تحمل بجنين ليملأ حياتها ضجيجا مؤنسا مسعدا. ثم تكره أن تفكر مرة أخرى في الإنجاب من سوء ما عانته إبان الولادة. وإني أجدني أتساءل عن السر في هذا الإطباق بين جميع مستشفيات الولادة بالمغرب على هذه المعاملة الأسوأ، والعنف الأشد على المرأة، وهل هي تعليمات خفية لدفع المرأة إلى الضرب صفحا عن الإنجاب، رغبة منهم في تحديد النسل بجميع الطرق حتى وإن كنت بإلحاق الألم.
ومن هنا أدعوا أولئك النساء اللواتي يملأن الدنيا ضجيجا وعويلا لأجل المرأة المعنفة، ويتم التركيز على الرجل كمجرم ينبغي السيطرة عليه وتشويهه إمعانا في إذلاله انتقاما لكرامة المرأة كذا يتصورون أو يزعمون، فليكن لوجودكن بجانب النساء الحوامل وهنا في قاعات الولادة حضورا قويا ومتواصلا، حتى تضمن لهن الكرامة وحسن المعاملة وسعادة اللحظة. إن كن صادقات في رغبتكن ومن يساندكن من ذكور… في محاربة العنف وتحقيق كرامة المرأة. وللإشارة فمظاهر العنف المسكوت عنه ضد المرأة كثيرة أحببت أن أركز على هذا الأمر لما له من الأهمية والإهمال.
ولابد من التنويه بثلة من الشريفات ممن يقدمن الغالي والنفيس من أجل إسعاد كل امرأة عند الولادة في تفان ونكران للذات. وقليل ما هن. بارك الله فيهن وكثر من أمثلهن وأجزل لهن المثوبة والجزاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *