إذا اطلعنا على مواقف رابطة علماء المغرب من خلال مؤتمراتها منذ تأسيسها سنة 1380هـ/1960م إلى المؤتمر العاشر1407هـ/ 1987م، يلفت انتباهنا إصرار علماء المملكة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع المجالات، ومحاربتهم لكل أشكال الانحرافات، ومن بين هذه الانحرافات التي أصر العلماء على محاربتها، تعاطي الخمر بيعا وشراء وصنعا، فكان هذا هو ديدنهم وهجيراهم، ويتجلى هذا في مواقف وتصريحات وفتاوى العلامة عبد الله كنون رحمه الله أمين عام رابطة علماء المغرب، ومنها قوله رحمه الله تعالى: “وإلى هذا كانت حملاتنا على انتشار الخمر والقمار وأفلام الخلاعة والتبرج حملات شديدة وتنبيه ذوي الأمر على واجبهم في منع هذه المفاسد والتصدي لها بقوة كاد يكون هجيرانا”. مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص:376.
ونعرض هنا مواقف علماء المملكة المغربية من الخمر وبيعها وصنعها وترويجها بين المسلمين في بعض مؤتمراتها:
المؤتمر الأول لعلماء المغرب: الرباط 26-27 ربيع الأول 1380هـ/18-19 شتنبر 1960
خلص العلماء في ملتمس الشؤون الدينية: الملتمس الثالث الأخلاق العامة:
“ج: بما أن الخمر داء فتاك بالجسم والعقل الذي شرف الله به الإنسان يهيب العلماء بذوي السلطة أن يقفوا موقف الصرامة من شاربه وبائعه ويرون أن من العار المزري بالدولة المغربية السماح برواج الخمور في حفلاتها الرسمية داخل المغرب وخارجه ويلحون على ذوي المسؤولية في هذه البلاد المسلمة أن يعملوا على تطهير الاقتصاد المغربي من المتاجرة في الخمر ومنع رخص إيرادها وتصديرها”. مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص:102.
المؤتمر الثالث لعلماء المغرب: فاس فاتح محرم 1388هـ/31 مارس 1968.
قال العلامة عبد الله كنون الأمين العام لرابطة علماء المغرب:
“الذي أفتى بجواز بيع الخمر للمسلمين إنما هو شيطان،
نطالب بعدم بيع المسلمين للخمر والإبقاء على التشريع القاضي بمنعه لأنه لا هوادة في الشريعة الإسلامية في هذا الحكم، والذي أفتى بجواز ذلك للتنمية الاقتصادية ليس عالما وإنما هو شيطان…” مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص:165.
كما جاء في التوصيات الخاصة بالشؤون الاجتماعية:
“منع بيع الخنزير والخمر للمسلمين ونزع الرخصة لمن أعطيت له لأن الاتجار فيهما محرم قطعا”. مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص:189.
المؤتمر الرابع لعلماء المغرب: مراكش 16-17 شوال 1391هـ/4-5 دجنبر 1971.
الإعلان عن منع الخمر
– وبعد أن أنهى الأمين العام للرابطة خطابه أعلن أن معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أبلغه أن جلالة الملك المعظم قرر حفظه الله منع بيع الخمر في الأحياء الإسلامية وتداولها بين المسلمين في جميع أنحاء المملكة. مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص: 203.
– “إن المؤتمر إذ يسجل لأمير المؤمنين ما أعلن على لسان وزيره في الأوقاف والشؤون الإسلامية من منع تداول الخمر بين المسلمين وبيعها في الأحياء الإسلامية في جميع أنحاء المغرب، يلتمس أن يعزز الأمر المولوي بظهير شريف يمنع على المسلمين الاتجار في الخمور بوجه عام، وأن يمنع تقديم الخمر في الحفلات العامة والخاصة وفي السفارات المغربية بالخارج” مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص: 231.
المؤتمر الخامس لعلماء المغرب: تطوان 21-22-23 ربيع الأول 1395هـ/ 4-5-6 أبريل 1975.
طالب العلماء بـ”سن قانون يمنع تداول الخمر بين المسلمين إنتاجا وتجارة وشربا ويمنع تقديمها في الحفلات العامة حتى في السفارات ولو للأجانب حفاظا على العمل بأوامر الشريعة الإسلامية، وتنفيذا لقرار مولانا الإمام نصره الله الذي أبلغه السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى السادة العلماء وقت انعقاد مؤتمرهم الرابع بمدينة مراكش” مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص: 298.
المؤتمر السادس لعلماء المغرب: أكادير 17-18 جمادى الأولى 1397هـ/ 7-8 ماي 1977.
يطالب المؤتمر:
بإيقاف معامل إنتاج الخمور وتحويلها إلى معامل لعصر الفواكه، وتحويل ضيعات كرومها إلى زراعات مباحة، وتحويل الحانات إلى مطاعم ومقاهي، ومنع ترويج الخمر في الحفلات الدبلوماسية وغيرها. مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص: 341.
المؤتمر السابع لعلماء المغرب: وجدة 20-21-22 جمادى الثانية 1399هـ/ 18-19-20 ماي 1979.
باعتبار أن الخمر أم الخبائث، وهي بمثابة وباء يهدم كيان المجتمع ويحصد كثيرا من الأرواح بسبب حوادث السير، ويعصف بقيم المجتمع ويعرض الأسر للتقويض، والذمم للتخريب، فإن المؤتمر السابع لرابطة علماء المغرب يندد بتحدي الشرع الإسلامي ودستور الأمة لنشر الخمر، وحاناتها ومتاجرها وإعطاء رخص بيعها واسترادها.
ويطالب: بتطبيق أمر الله بشأنها، وذلك بتحريم تناولها وبيعها وعصرها ونقلها واسترادها…
هذه هي مواقف علمائنا من الخمر بيعا وشراء وصناعة، بينوا فيها مواقفهم بكل جلاء، وتركوا العهدة على المسؤولين بعد ذلك لتنفيذ أمر الله في أرضه، كما قال العلامة عبد الله كنون “نطالب ونطالب، ولا نفتأ نطالب، وذلك قدرنا حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده”.