لا يخجل العلمانيون إن أتيحت لهم الفرصة أن يخرجوا مكنون صدورهم؛ ويعلنوا ولاءهم التام للغرب ودول الاحتلال؛ ويمجدوا أعمالهم الإرهابية التي اقترفوها إبان احتلالهم لمعظم الدول الإسلامية؛ فهذا المصري عادل الجندي يشيد بدور الغرب في تعطيل العمل بالشريعة؛ ويقول: “بعد لقاء العالم العربي بأوروبا عبر الاستعمار، بدأت الدول العربية الإسلامية تتخلى عن بعض الجوانب الاستفزازية من الدولة الدينية مثل تطبيق العقوبات البدنية كجلد شارب الخمر؛ وقطع يد السارق؛ ورجم الزانية؛ وعن جباية الجزية من مواطنيها غير المسلمين. السعودية ما زالت تطبق هذه العقوبات البدنية وذلك أساسا لأنها لم تعرف الاستعمار الأوروبي وبالتالي لم تدخلها بعض أنوار الحداثة..” (عادل الجندي ؛ قدر العلمانية في العالم العربي ص:127).
أنوار الحداثة تلك التي يزعمون أنها تضمن لكل أحد أن يعبر عن رأيه أيا كان وبكل جرأة! هي التي يضطهدون من خلالها العلماء والدعاة؛ وليس خاف عنا المحنة الكبرى التي تعرض لها علماء تركيا وما مورس عليهم من صور الظلم والطغيان إبان حكم الماسوني مصطفى كمال أتاتورك؛ حيث جعلت من علماء تركيا كما يقول عادل الجندي نفسه “موظفين في الدولة التي تراقب خطابهم الديني، بمعنى آخر تحول الأمر إلى تسلط الدولة على المؤسسة الدينية بدلا من استقلالهما المتبادل”، وبرر الجندي هذا التصرف المخالف لتنظيرات العلمانيين بقوله: “وربما كان هذا الحل ضروريا من أجل استمرار العلمانية، وذلك بسبب الطبيعة الخاصة “للتراث الإسلامي”، خاصة في دولة كانت تمثل الخلافة حتى عشرينات القرن العشرين”!!! (قدر العلمانية في العالم العربي ص:127).
ومسلسل اضطهاد العلمانيين للعلماء والدعاة لم يتوقف إلى حد الساعة؛ ويمكن لكل أحد أن يدرك ذلك من خلال الاطلاع على ما تسوّده جرائدهم ومجلاتهم؛ وما يمررونه من خلال أفلامهم ومسلسلاتهم؛ وأعمالهم التي يسمونها “فنية”! وما يطبعونه في كتبهم؛ وما يصرحون به أيضا في محاضراتهم ومنتدياتهم؛ وما يكيلونه للعلماء -خاصة أصحاب الدعوات والمشاركين منهم في الشأن العام- من تهم من قبيل التطرف والإرهاب والأصولية.. إلى غير ذلك.
ولا زالوا إلى اليوم يتتبعون فتاواهم ويبحثون ضمنها عما خالف عقيدتهم ومذهبهم؛ وقد عبر عن ذلك صراحة اليساري محمد الساسي الذي ندب نفسه في الفترة الأخيرة للتفتيش ضمن الفتاوى الشرعية عما يخالف ركائز النحلة العلمانية في استجواب أجرته معه جريدة الحياة (العدد 101 بتاريخ 15-21 أبريل 2010) بقوله: “أبحث من بين كل الفتاوى عما هي ضد الحداثة وحقوق الإنسان والديمقراطية والعقل والقانون”!!!
فمن منا لا يتذكر حملة التشهير الواسعة التي أدارها اللوبي العلماني قبل سنتين واستهدفت الشيخ الدكتور محمد المغراوي بخصوص ما عرف آنذاك بـ”زواج الصغيرة”!!، والشيخ محمد صالح المنجد في المملكة العربية السعودية بخصوص الدعوى إلى قتل “ميكي ماوس”!! والشيخ محمد علي فركوس في الجزائر الذي رموه كذبا بتحريم أكل حلوى “الشباكية”!!
ويعلم كل منصف أن هذا الكلام لا يعدو أن يكون مجرد تخرصات لائكية؛ وهرطقات علمانية؛ ورجم بالغيب دون سند علمي.