الدراسة التي كشفت حجم الفضيحة في الجامعة المغربية

في عام 2009 صدرت في فرنسا دراسة مثيرة كشفت فضيحة البحث العلمي في المغرب، وعرت حقيقة الجامعة كمجال للبحث العلمي. الدراسة أشرف عليها البروفيسور المغربي محمد الشرقاوي، الباحث في المعهد الفرنسي للبحث العلمي في باريس، وأنجزت بطلب من وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي المغربية.
وكشفت الدراسة حقائق مذهلة صدمت الرأي العام الوطني وقتها، حيث بينت أن 55% من الأساتذة الجامعيين لم ينشروا أي إنتاج علمي طيلة حياتهم المهنية، أي ما يتجاوز ثلاثين سنة من العمل داخل الجامعة دون إنجاز أي بحث.
وكشفت الدراسة هزالة الإنتاجات العلمية في الجامعة المغربية طوال الفترة من 1960 إلى 2006، حيث بينت الدراسة مجموع الإنتاج العلمي والفكري طيلة هذه الفترة بلغت 57 ألف مرجع، منها 30 ألف مقالة، و13 ألف كتاب، و14 ألف دراسة، وهي أرقام هزيلة جدا مقارنة ببلدان أخرى.
وقد لوحظ أن الإنتاج العلمي قد انخفض خلال الفترة 2006/2002 بنسبة الثلث، ويعد الاقتصاد أكثر التخصصات تراجعا في هذا المجال، كما عرف الإنتاج باللغة الفرنسية تراجعا واضحا، بينما عرف الإنتاج العلمي باللغة العربية تزايدا مستمرا.
وأكدت الدراسة أن جل المؤسسات الجامعية لم تمكن نصف هيئة أساتذتها من نشر دراسة واحدة طيلة 15 سنة الأخيرة، باستثناء جامعات القرويين ومحمد بن عبد الله بفاس وكلية الحقوق بمراكش، وبعض المعاهد العليا.
ومما يزيد من تفاقم هذا الوضع أن الترقية داخل الجامعة لا ترتبط بالمنشورات، كما أن الدولة لا تستثمر موارد مالية من أجل البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، إذ إن 7% من الميزانية المخصصة للبحث تتجه لهذه العلوم والباقي يخصص للعلوم الدقيقة. ولهذا فالذين ينتجون يفعلون ذلك تبعا لأسباب لا علاقة لها بوجود سياسة عمومية للدولة.
أما تأثير ما نص عليه الإصلاح الجامعي في هذا الاتجاه بأن تأخذ لجان التقييم بعين الاعتبار البحث والمنشورات كمعايير للترقية، فإن الدراسة تؤكد أن “إصلاحا كهذا سيكون له في أحسن الأحوال تأثير منعدم أو في أسوأ الحالات مضاد للإنتاج”. أما نتائج المغادرة الطوعية على البحث العلمي، وإن تحفظت الدراسة عن الخوض المباشر فيها، إلا أنها أكدت أن “تأثيرها سلبي بكل وضوح.”
وبصدد أداء الأستاذة لمهنتهم، كشفت الدراسة عن معطيات صادمة، منها أن 70% من الأساتذة الجامعيين غير راضين عن دورهم المهني، فيما 30% فقط راضون أو راضون جدا، مؤكدة أن هذه الوضعية مقلقة وغير مريحة ولها علاقة بمؤسسة التعليم أولا. فالأدبيون أقل رضى من القانونيين والاقتصاديين، وأقل رضى بكثير مقارنة مع الذين يعملون بمؤسسات التعليم العالي غير الجامعية. وكلما صعدنا في تراتب الدرجات كلما ازداد عدم الرضى.
وأوضحت الدراسة أن ثلث المستجوبين (العينة 1400) يرغب في مغادرة مهنته، فـ 46% يرغبون في ممارسة مهنة حرّة، بينما 40% الآخرين يرغبون في ممارسة مهن مستقلة كالتجارة وإحداث المقاولة، إنهم يفضلون الابتعاد عن الوظيفة العمومية ولو كانت مراتبها عالية، حسب الدراسة، ولهذا السبب فإن المهنة التي ينصح بها الأستاذ أبناءه لا تمثل منها الأستاذية سوى أقل من 16%.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *