كانت فترة بداية القرن العشرين مليئة بالحروب والصراعات الداخلية سواء كان ذلك في كيان الدولة العثمانية، أو في الانتقال منها بعد سقوطها إلى الجمهورية التركية، وصاحب ذلك العديد من التجاوزات والكوارث التي تعرض لها مختلف أبناء المجتمع التركي من مسلمين وأكراد وأرمن وغيرهم. ومن ثم لابد من فهم أحداث تلك الحقبة ضمن السياق الواقعي لها، وليس من منظور اليوم.
إن الحديث عن الأخطاء لا يجب أن ينحصر فقط في أخطاء الدولة العثمانية ويتجاهل أخطاء التيار القومي الأرمني، فقد كان هناك صراع هويات وقيم ورغبة في تعظيم الفائدة من تغير موازيين القوى، وقد أدى ذلك إلى الكثير من المآسي.
الحديث عن الأخطاء التي ارتكبها فريق ما لا يجب أن يتحول إلى تجريم دولة ما بكاملها (الدولة العثمانية.. أو الجمهورية التركية) بجرائم عنصرية أو عرقية ولا يقلل ذلك من بشاعة الكارثة، ولا يجب كذلك أن يتحول إلى اتهام أقلية ما (الأرمن) بمختلف تكويناتها وتفاعلاتها بالخيانة أو العمالة أو غير ذلك مما قد يرتكبه فريق من تلك الأقلية.
الشتات الأرميني هو الذي يتبنى بقوة موضوع «الإبادة» وثمة اختلافات ثقافية جذرية بين أرمن الشتات، إلا أن ما يجمعهم ويمنحهم هوية مشتركة، هو علاقتهم بالتهجير العنيف الذي عاناه الشعب الأرميني، ويُعد هذا الأمر إبادة جماعية في الوعي الأرميني الجماعي، كما يرى العديد من المراقبين.