أهل الباطل لا يتعبون ولا يملون ولا يكلون، نفس طويل وصمود كبير، وإصرار غير منقطع، حتى في الأيام الفاضلة والليالي المباركة، حتى والشياطين مصفدة، حملات وتعبئة وبيانات ومظاهرات ووقفات ووو. يواجهون الأمن والقمع ويصبرون على الضرب…
في رمضان الماضي خاضوا معارك ضارية من أجل الصاية والبيكيني، ومرة من أجل الإجهاض، ومرة من أجل إباحة الزنا والدعارة، ومرة من أجل الخمر والمسكرات، ومرة من أجل منع عقوبة الإعدام… ناهيكم عن معركة الإفطار العلني التي يخوضونها من سنين بدون يأس.
واليوم تعاد المعركة في استفزاز واضح، ومتعمد لمشاعر الملايين، فمجرد الاستفزاز غير مقبول على وفق دينهم وعقيدتهم، مما يدل صراحة على رغبة في تدنيس المقدس وإخماد جذوة ما تبقى من التعظيم والتقدير في نفوس المسلمين لهذا الشهر العظيم. وهذا لا شك يدخل ضمن أجندة مضبوطة في تنسيق محكم مع كل قوى الشر التي لم تعد تعيش إلا على محاربة الإسلام وتعاليمه.
الذين يفطرون رمضان عمدا كثير، يفعلون ذلك بدون ضجيج، لكن أصحاب الضجيج لو كان غرضهم عدم الصيام فهم لا يصومون، إذ لم تفتش معدة أحدهم، ولم يسألهم أحد عن ذلك ما دام أن الصيام سر بين العبد وربه، فأصلا لا يعلم حقيقة صيام أحد إلا الله.
وهنا السؤال الحارق والمغيب في كثير من النقاشات حول هذا الموضوع والذي ينبغي أن يكون أيقونة النقاش، هو: ما الذي أوصل شبابا من أبناء هذا الوطن؛ فتحوا أعينهم في أسرة مسلمة؛ ومجتمع مسلم؛ ودولة إسلامية؛ أن يصلوا إلى حد الثورة على شرائع الله، ليس فعلا منهم فحسب، ولكن دعوة للغير إلى سلوك مسلكهم الذي يشكل خطورة على ما تبقى من مقدس ومعظم في النفوس.
المتهم والمسئول والذي يتحمل المسؤولية هو الذي ينبغي أن تسلط عليه الأضواء، فهناك مكمن الداء. ومعالجته ستنهي هذه المعركة الفاشلة المفتعلة، فالمطلوب أن نواجه الإعلام والثقافة والتعليم أساسا، لأن على أيديهم تخرج ويتخرج أجيال تعادي دينها وقيمها، وتحيا على الاستفزاز والاستهتار بالمشاعر والمقدسات حقدا وبغيا.
والغريب في الأمر أن يتزامن ذلك مع مراجعة مضامين مقررات التربية الإسلامية، بدعوى تنقيتها من التطرف. مع العلم أنها مقررات لا تنتج جيلا محافظا على الصلاة بله أن يكون متطرفا، وإلا فمن أين تبث أنها تخرج المتطرفين؟ أيقصدون هذا التطرف العلماني… محال!
كان من الأولى تتبع المناهج والبرامج التي خرجت هؤلاء المتطرفين من الجهة الأخرى، والذين يطالبون وبكل جرأة وصفاقة وإصرار بإباحة المحرمات والتقليل من شأن المقدسات، ونشر الفوضى بين أفراد المجتمع المسلم. هؤلاء الذين يعد السكوت عنهم وعدم مواجهتم علميا وثقافيا -بالدرجة الأولى- بالتوجيه والبيان والإرشاد، وقبل كل ذلك بغرس التعاليم الشرعية منذ نعومة الأظافر، مع المتابعة والرصد والتقويم، وإلا فإن البلد يسير نحو الهاوية؛ لأنه بلد كانت نشأته على الإسلام وتعظيم قدره في النفوس والحياة في جميع تفاصيلها.
وسيبقى الحق حقا صامدا شامخا مهما علا صوت الباطل، ومهما اجتمع عليه أهل الباطل من أقطار الدنيا.