أدعياء الحقوق بين المعارك الحقيقية والمعارك الوهمية (م.ح)

حين يثير أدعياء الحقوق عددا من الملفات ويفتعلون عددا من القضايا، يخيل لك أن الشعب تخلى عن عقيدته ودينه، وأن البلد يعيش في ترف وبذخ، وقطع مع كل المشاكل المهمة والرئيسية والخطيرة والمصيرية التي يتخبط فيها.
في كل مرة تطل علينا قضية، لا يدري أحد من وراءها، مثل حرية الإفطار في رمضان، وحرية التصرف في الجسد والشذوذ الجنسي، وحرية الإلحاد والارتداد، وبدأت تتشكل هنا وهناك جمعيات لمحاربة أسلمة الدولة، ومناهضة الإسلاميين، والدعوة لحريات غريبة عن مجتمعنا، مصادمة لتاريخنا وثقافتنا وهويتنا.
بالمقابل يعاني المجتمع من مشاكل جمة، ويغرق الشعب في الفقر والجهل ويعاني القمع والاستبداد، لكن أجهزة الاستشعار لدى أدعياء الحقوق لا يرون إلا المرأة التي تعاني في المناطق المهمشة، وكأن الرجل في تلك المناطق منعم، لا يرون إلا الفتاة التي لا تدرس، وكأن الفتى هو الذي يدرس في تلك المناطق التي تفتقر لأبسط شروط العيش..
لا يتحدث أدعياء الحقوق عن المواطن، يختارون الحديث عن المرأة أو الفتاة أو المتحول دينيا أو المتحول جنسيا، هذه هي المواضيع المثيرة، التي تجلب الدعم والشهرة، ويسلط على الخائضين فيها الضوء والإعلام.
يعاني مجتمعنا من أرقام مهولة من البطالة، وترتيب مخجل في الجهل، وآخر في الفقر، ومن ارتفاع نسب الجرائم، والطلاق والعزوف عن الزواج، والانحراف والتعاطي للمخدرات.
يعاني أيضا من الاستبداد والقمع والتسلط، والفساد الإداري، هذه هي معارك الشعب الحقيقية.
حقوق سياسية واقتصادية ومدنية كثيرة مفقودة، يمكن تصنيفها ضمن شروط التواجد والحياة والكرامة، بالنسبة للمواطن المغربي، لا يقدم فيها أدعياء الحقوق أي شيء، لا يناضلون من أجلها لا يسلطون عليها أضواءهم وإعلامهم، ولا ينبري لها مثقفوهم ومناضلوهم، لأنها حقوق حقيقية تهم الإنسان المغربي، وتضعهم بمواجهة أجهزة الدولة حقيقة، وهذا ما لا يريده أدعياء الحقوق.
هم يريدون العزف على أنغام تدغدغ حواس الغرب وتثير شهيته وفضوله، مثل حقوق الشواذ وحرية الاستهزاء بالإسلام وشعائره، وحرية التمرد على دين المغاربة وتشكيكهم فيه، معارك وهمية، لكن مداخيلها حقيقية، ونتائجها محققة، وآثارها ملموسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *