حوار مع الدكتور محمد بنحمو رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية حول تطور الوضع بالكركارات، وخلفيات انسحاب الجيش المغربي بشكل أحادي ومفاجئ
أجرى الحوار: مصطفى الحسناوي
دكتور بنحمو لو تطلعون المتابع أو القارئ عن منطقة الكركارات لكي يكون في صورة ما يقع.
منطقة الكركارات هي منطقة عازلة، أو هو شريط عازل خلف الجدار الأمني المغربي، حيث أن الأمم المتحدة عند عقد الاتفاق لوقف إطلاق النار اعتمد هذا الشريط العازل كمنطقة عازلة بين الحدود المغربية الموريتانية.
وأكيد أن هذا الشريط العازل استغل في الفترة الأخيرة بشكل كبير من طرف البوليساريو وبعض أتباعه في الكثير من النشاطات غير الشرعية المرتبطة منها بالسيارات والشاحنات المسروقة أو بالمخدرات، ولوحظ كذلك استخدام هذه المنطقة العازلة في تخزين الأسلحة أو حتى كملجأ لبعض المنتمين أو المنتسبين إلى بعض الجماعات الإرهابية.
فبالتالي كانت هناك ضرورة أولا لتقوية دور ذلك الشريط في العلاقات بين المغرب وموريتانيا، حيث أن الطريق تمكن من استمرار حركة النقل وخاصة أن هناك نشاط تجاري كبير في الاتجاهين وهذا الحضور للبوليساريو منذ أن أعلن المغرب عودته للاتحاد الإفريقي أخذ مظاهر مسلحة وأخذ كذلك مظاهر عرقلة هذا النشاط التجاري الشرعي وبالأساس النقل البري والتنقل بين ضفتي الحدود المغربية الموريتانية.
طيب هل هي منطقة مأهولة؟
لا هي منطقة عازلة ومنطقة بها حضور لبعض من يمارسون أنواعا من التجارة ولكن من الناحية البشرية هي منطقة غير مسكونة بشكل دائم أو قار.
يعني يمكن أن نقول أنها منطقة خارج النفوذ أو السلطة أو السيطرة المغربية الآن؟
لا قد كان وضعها سابقا مثلها مثل بعض المناطق العازلة حول الشريط الحدودي، وهي منطقة عازلة، وبالتالي هي من المناطق التي يدبر فيها وقف إطلاق النار بين الطرفين، ويراقب فيها إطلاق النار بين الطرفين، وبالتالي هذا لا يعني إطلاقا كما يدعي البوليساريو بأنها منطقة تحت نفوذهم.
كما أن هذا الوضع في المنطقة العازلة لا يجعلها خارج السيادة المغربية أو خارج السلطة المغربية فاحتراما لاتفاق التفاوض والتزاما بالشرعية الدولية وبدور الأمم المتحدة في رعاية هذا الاتفاق كان هناك التزام أولي بإخلاء هذه المنطقة العازلة، الآن الأمر لا يعدو إلا أن يعود إلى وضعيته الأصلية.
محاولة البوليساريو خلق أوضاع جديدة بهذا الشريط، مع حضور مسلحين واعتراضهم للشاحنات ولحركة النقل في هذه المنطقة، ونصبهم كذلك لبعض المراكز، يوحي أو يعطي إشارات وكأن البوليساريو له سيادة وسيطة، على هذه المنطقة.
طيب المواطن العادي البسيط كيف يفهم أنها منطقة عازلة؟ يعني كيف نقرب له هذا المعنى وهذا المفهوم؟
المناطق العازلة في مفهوم القانون الدولي، والمناطق العازلة بين الدول، توجد في العديد من الحدود بين الدول، حيث أنه توجد مناطق قد تكون صغيرة المساحة أو أكبر شيئا ما، وقد تكون مناطق بنيت على اتفاق سابق، في تنظيم الحدود بين الأطراف، وضم تلك المناطق العازلة إلى حين اتفاق نهائي حول ترسيم الحدود، أو تكون في الحالة التي نحن أمامها.
حيث أن المغرب عند بنائه للجدار الأمني، ترك مساحة ومسافة بين الحدود الأصلية، وبالتالي حين كان هناك تفاوضا حول الاتفاق لوقف إطلاق النار، تم اعتماد هذه المناطق كمناطق عازلة، أي أن الطرفان يوجدان على نقاط متباعدة، وبالتالي هي النقط أو المناطق التي يراقب فيها وقف إطلاق النار، ويراقب فيها تحركات الأطراف.
يعني المغرب ليس عنده حدود مباشرة مع الجارة الموريتانية؟ (يعني تفصله عنها منطقة عازلة الآن)
الحدود المباشرة هي موجودة، وهي الحدود الرسمية، وهي الحدود الدولية، مع استمرار وجود النزاع، وإلى حين إنهائه تعتبر تلك المنطقة عازلة ولكن هذا لا يمنع بأن هناك نقطة حدودية مغربية جمركية وهناك مراقبة، فهذا الشريط (حتى يتضح الأمر) لا يتجاوز في عرضه الأربع كيلومترات.
طيب لماذا هذا الانسحاب ما هي أسبابه؟ أو ما هي النقطة التي أفاضت كأس هذا الانسحاب؟
خصوم المغرب يستمرون لا محالة في البحث عن نقط أخرى للاستفزاز، سيخضعون لقرار الأمم المتحدة ويسحبون مسلحين وما نصبوه من مراكز داخل هذا الشريط العازل.
ذلك الانسحاب هو التزام أولا بتوصية الأمين العام الأممي، والتزام كذلك بالشرعية وباتفاق وقف إطلاق النار، والمغرب حين كانت هناك محاولة من طرف البوليساريو لخلق أوضاع جديدة بهذا الشريط، حيث أن حضور مسلحين واعتراضهم للشاحنات ولحركة النقل في هذه المنطقة، ونصبهم كذلك لبعض المراكز، كان يوحي أو يعطي إشارات وكأن البوليساريو له سيادة وسيطة، على هذه المنطقة.
فبالتالي المغرب تدخل لوضع حد لهذا التطاول، الآن الأمين العام الأممي يتخذ توصيات واضحة، ويؤكد على عودة الوضعية إلى حالها الأسبق، ويؤكد على ضرورة احترام وقف إطلاق النار، ويؤكد على خطورة الوضعية بالكركارات، وهو ما يعتبر كمعطى جديد للأمن والاستقرار الجهوي، وما دام هناك التزام من طرف الأمين العام الأممي بعد المكالمة الهاتفية التي كانت له مع جلالة الملك حول الموضوع، فالمغرب يأخذ بجدية هذه التوصية، وبالتالي هو قرار مسؤول وقرار حكيم وقرار يلتزم بالشرعية الدولية، ويعبر عن حسن نية المغرب.
طيب ختاما دكتور بنحمو ما التداعيات المستقبلية لهذه الخطوة بعجالة؟
لها تبعات إيجابية على المغرب. وخصوم المغرب يستمرون لا محالة في البحث عن نقط أخرى للاستفزاز، سيخضعون لقرار الأمم المتحدة ويسحبون مسلحين وما نصبوه من مراكز داخل هذا الشريط العازل.
ولكن لا أعتقد بأنه أمام تطور الأوضاع في المنطقة، سواء عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي أو كذلك الحضور القوي للمغرب في القارة الإفريقية، ومواقف العديد من الدول الإفريقية، التي أصبحت تتغير. أعتقد بأن خصوم المغرب سيسعون إلى البحث عن سبل أخرى للاستفزاز، وعن سبل أخرى للدفع ربما بالمنطقة إلى التصعيد وإلى المواجهة.
أعتقد بأنه ما ينبغي الوقوف عنده، أن هذا القرار بمثابة فرصة للبوليساريو الذي كان يسعى من خلال كل ما قام به من استفزاز للمغرب، وجر المغرب إلى الرد العسكري، وبهذا الانسحاب يفشل البوليساريو في جر المغرب إلى عمل من هذا القبيل، لأنه (حتى نكون واضحين)، أية مواجهة عسكرية أو مسلحة بين القوات المسلحة الملكية وعناصر البوليساريو. وموازين القوى متفاوتة ومختلة؛ لا مجال للمقارنة.
والبوليساريو يعلم جيدا بأن وجوده في تلك المنطقة لو ووجه عسكريا سيسحق في دقائق. ولكن هو يغامر، هذه المغامرة رغبة في جر المغرب إلى الرد المسلح أو العسكري، وبالتالي استعمال هذا الرد العسكري ضد المغرب، ومنه فهذا الانسحاب هو إفشال لمخطط هيأه خصوم المغرب.