قد يعسر على بعض النساء فضلا عن معرفة أحكام بعض أنواع الدماء التي تتوقف عليها كثير من العبادات كالصلاة والصوم والحج والعمرة وغيرها…
ومن هنا كان فرض عين على كل مسلمة أن تتعرف أحكام طهارتها التي هي من دينها. ونورد في هذا العمود بعض تلك الأحكام.
تعريف الصفرة: شيء كالصديد يعلوه صفرة.
تعريف الكدرة: شيء كلون الماء الوسخ الكدر.. وليس على لون من ألوان الدماء أو ماء ممزوج بحمرة، فيخرج كاللون البني غالباً.
بم تعرف المرأة طهارتها؟
لابد للمرأة أن تتعرف على علامات الطهر، وعلاماتها أمران:
القصة البيضاء: وهي سائل أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الدم.
أو بالجفاف: بأن تدخل منديلاً فيخرج جافاً.
ومعنى الجفاف: هو أن لا يكون عليه شيء من الدم ولا من الصفرة ولا من الكدرة، لأن فرج المرأة لا يخلو من الرطوبة غالباً..
وعليه فإذا نزلت القصة البيضاء أو حصل جفاف للمرأة فهاتان علامتان تدلان على طهارتها، فحينئذ تغتسل وتصلي وتأخذ أحكام الطاهرات.
قواعد ومسائل في أحكام الصفرة والكدرة والقصة البيضاء:
المسألة الأولى: (الصفرة والكدرة إذا جاءت في زمن الحيض متصلة به سواء قبله أو بعده فهي حيض).
مثاله: أن يأتيها الحيض خمسة أيام، يومان منها دم والثلاثة الأيام صفرة أو كدرة، أو أحد تلك الأيام صفرة أو كدرة فتجعل كل الأيام حيض.
ودليل ذلك: ما روى مالك في الموطأ (130) عن أم علقمة أَنَّهَا قَالَتْ: “كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ فَتَقُولُ لَهُنَّ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ”. وصححه الألباني في “إرواء الغليل:198”.
ورواه البخاري معلقاً “كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره”.
فالصفرة والكدرة قبل الطهر: حيض، ولا فرق في الحقيقة بين نزولهما قبل الطهر، أو نزولهما في زمن العادة قبل الدم، مع علامات الحيض من الألم والوجع.
والذي يرجح ما ذكر من اعتبار الصفرة والكدرة قبل الحيض حيضا إذا كانا في زمن العادة، واتصلا بدم الحيض، وكان معهما ألم الحيض، أن الصفرة والكدرة من ألوان الدماء عند أكثر الفقهاء، والحيض هو انهيار جدار الرحم بما فيه من دم وغدد، فينزل الدم على ألوان مختلفة متفاوتة، فيبدأ قويا أسودا أو داكنا غالبا، ثم يخف حتى يكون كدرة أو صفرة، وقد يقع العكس، فيبدأ صفرة وكدرة، ثم دما.
وقول الفقهاء -كالحنفية والحنابلة-: إن الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، يشمل -والله أعلم- الحالة المذكورة وهي نزول الصفرة والكدرة أول الحيض.
وقول غيرهم -كالمالكية والشافعية-: إن الصفرة والكدرة حيض مطلقا، أو في زمن الإمكان، يشمل نزولهما قبل الحيض، كما لا يخفى.
والدُّرْجة: هو وعاء صغير تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها. وينظر: “النهاية في غريب الحديث والأثر” لابن الأثير (2/ 246).
والكرسف: القطن.
المسألة الثانية: (الصفرة والكدرة لا تعد بعد الطهر شيئا).
مثاله: إذا انتهت أيام الحيض ورأت الطهر بعلاماته الآنفة الذكر وبعد ذلك رأت صفرة أو كدرة، فهذه ليست بحيض وإنما تكون استحاضة، وحكمها أنها تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة.
ودليل ذلك هو ما روته أم عطية رضي الله عنها قالت (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً). رواه البخاري (320) وأبو داود (307) والنسائي (368) وابن ماجه (647) واللفظ لأبي داود. والله أعلم.