بناتنا وحلم النجومية إكرام الفاسي

أصبح الإعلام أهم وسيلة لضرب القيم والأخلاق لدى الشباب، ويتجلى تأثيره على الناشئة من خلال الواقع الأليم الذي يعايشه المجتمع من انحلال أخلاقي وفساد يجعلنا ندق ناقوس الخطر ونبحث عن الحلول لمعالجة هذه الآفات المجتمعية.
ومن بين هذه الآفات الخطيرة؛ آفة افتتان فتياتنا بالنماذج التافهة؛ حيث أصبحن يتبعن أخبار المغنيات ويحاكين لباس الراقصات وحلمهن أن يصبحن مغنيات وممثلات.. هكذا حال بنات المسلمين في زمن المغريات والشهوات.
بلا شك أن أمثال نجمات “عرب إيدول” و”ستار أكاديمي” و”ستوديو دوزيم” هن النموذج الذي تتمنى الكثيرات من البنات أن يصرن مثله، وهن القدوات المثاليات التي تسير كثير من الفتيات اليوم على نهجهن ويقتفين آثارهن، من خلال التشبه بقصات شعرهن وصباغته وأشكال لبسهن ومواد تجميلهن، وتتبع يوميات حياتهن الشخصية؛ وينعكس ذلك في الشارع بشكل جد ملفت للنظر ينذر بغد أشد انحلالا من اليوم، وما جعلني أخص بالذكر الفتيات، كونهن أمهات لجيل جديد وعلى عاتقهن مسؤولية التربية، فإذا فسدت الأم هل نتوقع صلاحا لبناتها وأبنائها؟ اللهم أن يشاء الله لهم عكس ذلك بلطف منه.
يبدأ تأثر البنات في سن الطفولة في غياب تربية صحيحة لهن وغياب الرقابة على البرامج التلفزية المشاهدة والمجلات المطالعة وكذا الألعاب الإلكترونية، وإن كان كل ذلك في الظاهر خاصا بالأطفال، إلا أن في عمق ذلك مؤثرات خفية تؤثر على تكوين شخصياتهن، فحتى الرسوم المتحركة لا تخلو من قصص الغرام الممنوع كـ”السندريلا” و”الجميلة والوحش” و”الأميرة النائمة”.. كما لا تخلو من تعظيم للأزياء والموضة كـ”باربي” مثلا و”الجاسوسات”..، كما أن البرامج الترفيهية للأطفال لا تخلو من فقرات لاكتشاف الهوايات والافتخار بمن له هواية الغناء والرقص، أضف إلى ذلك اللعب الإلكترونية للبنات المنبنية أساسا على الأزياء والتجميل..
أما في سن المراهقة، فغالبا ما تتأثر الفتيات بالنجمات والنماذج العالمية الهوليودية والمطربات الغربيات وأشباههن من العربيات، ويتطبعن على حبّ الشهرة ويتمنين دخول عالم النجومية، ما ينتج جيلا منسلخا عن الهوية الإسلامية وبعيدا عن القيم النبيلة.
بناتنا اليوم يتسلل إلى قلوبهن حبّ المادية والمثالية الخادعة المنبثقة من الفكر الغربي، هذه المادية جعلت من الهدف الأسمى لحياتهن هو النجومية والثراء الفاحش ولو على حساب كل المبادئ العليا والأخلاق والقيم.
إن الاقتداء بأمثال تلك النماذج الغربية لا يمكن إلا أن يزيد من حدة عدد من المشاكل الاجتماعية كالانتحار والعلاقات غير الشرعية وما ينتج عنها من لقطاء والتخلي عن الوالدين وقطيعة الرحم..
في المجتمعات المادية، نجد أن الشهرة غاية غالبية أفراد المجتمع، وإن كان تحصيل تلك الشهرة بشيء ذميم بعيد عن كل القيم الإنسانية. وهذا التأثر بالنمط الغربي لا ينسجم مع الثقافة المغربية والأعراف السائدة، ومخالفة صريحة لتعاليم الدين الإسلامي الذي شرف الإنسان وشرف المرأة على وجه الخصوص وصانها من كل مخلفات الجاهلية، فكيف ببناتنا يعدن إلى الفساد الجاهلي!
مشاهدة فتياتنا للمسلسلات الأجنبية وإدمانهن على مشاهدة المسلسلات المدبلجة التي سيطرت على برامج قنواتنا الوطنية، وكذا مشاهدتهن ليوميات المشاركين في برامج الغناء والرقص، وتعلق بعضهن بمشاهدة “الفيديو كليبات”، كل ذلك أدى إلى تطبعهن على مثل تلك المشاهد المخلة بالحياء، والتي تعج بالمخالفات الشرعية التي يستنكرها كل ذي فطرة سليمة من تمييع، وتبرج وعري، وخضوع في القول واختلاط وتبادل القبل، وعلاقات غير شرعية ورقص وغناء.. فقد يبدو الأمر بسيطا للوهلة الأولى إلا أن النفوس إذا ما تعودت على شيء وآنست به، سعت إلى بلوغه، وهنا مكمن الخلل.
المرأة الشهيرة يصورها الإعلام على أنها تعيش في سعادة ومرح وحرية مطلقة وغنى وترف، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك تماما فالشهرة ليست مذمومة لذاتها، وإنما تذم إن قرنت بشيء مذموم، كما أسلف الذكر.
فأغلب نجمات الفن اخترن العيش أمام الكاميرات، وهو ما يجعل كل تفاصيل حياتهن خاضعة للكاميرا، حتى الخاصة منها، ما يدخلهن في اكتئاب قد ينهين بعده حياتهن بانتحار كنجمة هوليود “مارلين مونرو”، و”ماري بريفمن” نجمة التمثيل، و”مادلينا مانويل” مغنية ونجمة تمثيل رومانية شهيرة، والمغنية “داليدا”، والمغنية “إيمي واينهاوس”، وكثيرات.
كما أن حياتهن تلطخت بالاغتصاب والدعارة والإجهاض والعلاقات المثلية، كـ”مادونا” و”ريهانا” و”بريتني سبيرس” و”لايدي كاكا”.. ومن العربيات “هيفاء وهبي” و”نانسي عجرم” و”أصالة”، وغيرهن ممن صرن وصمة عار في جبين العرب.
أذكر كل أخت ابتليت بالافتتان بأمثال هؤلاء، أن هذا الطريق لا يوصلها إلى الجنة وقد يهوي بها في نار جهنم إن لم ترجع إلى ربها وتتب إليه، كما أذكر كل أم وأب بالحرص على تربية بناتهم على الاقتداء بالصالحات من صحابيات وتابعيات ونساء السلف والصالحات من الخلف، من عالمات وداعيات وحافظات للقرآن..، والحرص على إبعادهن عن كل ما يهدم قيمهن ويفسد أخلاقهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *