مقاومة الغزو الفرنسي للمغرب تفرض رفع قواته به لـ74.000 جندي ذ. إدريس كرم

يبين حجم ارتفاع القوات الفرنسية المحاربة في المغرب في الخمسة أشهر الأولى من عام 1913 بعشرة آلاف مقاتل، حجم المقاومة ونوعيتها؛ ذلك أن التقرير المقدم للبرلمان الفرنسي بطلب قرض إضافي للقوات العاملة بالمغرب بـ133 مليون والذي نواصل استعراض مناقشاته، قبل عرض تقرير لجنة الشؤون الخارجية بنفس المجلس حول القرض المطلوب تخصيصه لحكومة الحماية والذي يبين فيه أن المغرب فُرض عليه تمويل غزوه وتعويض الخسائر الناتجة عن مقاومة المغاربة لذلك الغزو عبر قروض بفوائد باهظة تلتزم بأدائها حكومة الحماية.
جاء في مناقشة مشروع النفقات العسكرية على المغرب (تتمة ما جاء في العدد السابق)
وزير الحرب: تعرفون كيف ظهر هذا النهج، فقد بدء من نقطة التسهيلات الممنوحة للمغاربة المتواجدين على تخوم المناطق المهددة للنواحي الهادئة، والتواصل مع ساكنتها وخاصة الرؤساء، مثلما عُمل مع عرب الجزائر حيث ألزم الجنرال ليوطي المراكز التي أنشأها على تلك التخوم بالسياسة عينها، وذلك لإخماد كل مسعى لإثارة الهياج والفتنة، والحيلولة دون إشعال الحرب معها.
لقد كان أي مركز جديد بمثابة الإجابة عن الهدف وتأمين النتيجة المحصل عليها، كما تفسر هذا المنحى الحوادث المتكررة ذات الطابع المفرط في الخطورة.
دون شك نتكبد أحيانا خسائر ثقيلة دائما نتأسف عنها، لكن عليكم تفهم جسامة كلفة التهدئة العامة لبلد متابع وملاحق.
ليوطي صرح بأنه في الوقت الحاضر لديه العدد الكافي من الجنود لمواجهة كل الاحتمالات، ولم يطلب إضافة جديدة للقيام بعمليات في ملوية في اتجاه تازة وفاس.
في الوقت الحاضر تهيئ القواعد العسكرية في الشرق من الحدود الجزائرية لملوية، “كودين” يظهر له في ظل هذه الأوضاع الاقتراب من القول بأنه لم يتحقق شيء بالمغرب.
كودين: أنا لم أقل هذا.
الوزير: تقول بأننا لن نحتل البلد الذي ما يزال غير هادئ، أجيبك بأن الطريق الداخلة من الحدود الجزائرية الذاهبة لوجدة وملوية على طول 250 كلم بين يدنا، وكلها هادئة تماما منذ أن احتلها ليوطي ثم الجنرال أليكس.
كودين: لدينا أيضا 15 ألف رجل.
الوزير: على ملوية لكن كل البلاد الخلفية هادئة، وقد استقر معمرونا في أعقاب مرور قواتنا، وقد حرثوا أرضهم وحصلوا على نتائج طيبة، واسألوا الفرنسيين الذين اشتروا أراضي هناك يجبونكم بأنهم واثقون من المستقبل، لقد قمنا بخطوة هامة في هذا الاتجاه، وجهود عملياتنا ليس موضعها ها هنا.
يمكن القول بأن خطة الجنرال في مجموع البلاد بث الهدوء والأمن واعتماد الحذر في عملياتنا مع الحزم والحيوية.
مهمة المشاريع المنجزة كيفما كانت وجهتها التي تستهلك المال هي أيضا لازمة، نحن نطلب 130 مليون وأنتم تستغربون من الرقم، وتجدونه قرضا مبالغا فيه، لكن أتوسل قبل أي حكم التدقيق والإمعان في تفحص البقع السوداء التي تطرح في بلاد لا شيء فيه، لا طرق، لا موانئ، الطرق الداخلية تقريبا غير سالكة ووعرة تفسد عمل كل محاول اختراق النواحي الجبلية لإنتاج الثروة، مما يزيد من الكلف وتعذر الوسائل.
المغرب ليس مولودا حادثا، وولد حسب القانون أيضا، وقد نهض بفضلنا، وما نقوم به من أعمال حربية ليس للاحتلال ولكن للتنظيم.
المغرب اليوم تحت حمايتنا، لكم الحق في إقرار ميزانية هذه الحماية.
المقرر العام: هذا لا ينقص من القروض العسكرية.
رئيس لجنة المالية: هذا من أجل المغرب كالجزائر وتونس.
الوزير: النفقات العسكرية مستقرة تقريبا لحد اليوم، الذي لا أقول مباشرة بعدم التبصر حيث تكون العلاقة بين الجزائر والمغرب كما طلب كودين، أتأسف لعدم الربط بينهما من قبل.
كودين: طلبت ذلك منذ البداية قبل ست سنوات.
الوزير: هذا الهدف ينتظر، لأن الرفض من الجزائر، جعل المغرب يبقى منفصلا، ليوطي لم ولن يقوم بهذا الربط، والحكومة لن تسمح به إلا يوم لا يكون هناك مشاكل.
على الضفة اليسرى لنهر ملوية نحن نتقدم في اتجاه تازة بشكل عمليات شرطية فقط وليس عمليات عسكرية.
الجنرال أليكس قائد شرق المغرب يعرف جيدا التخوم المغربية الجزائرية حيث تواجد هناك مدة طويلة وهو الأكفأ بين الجميع على مستوى العمل، فهو يطوق القبائل بوسائل سياسية تجعله يفوز بعلاقات مع الرؤساء.
كودين: بالمال؟!
الوزير: شيئا فشيئا الجنرال أليكس وصل لتهدئة الواحد بعد الآخر، وتشتت الآخرون فلاحقهم فربح الأرض، والآن يمكن أن أقول أيها السادة يمكنكم الاطلاع على خريطة المغرب لتجدوا الجنرال أليكس في قصبة امسون بين ملوية وتازة على بعد 40 كلم من هذه الأخيرة من دون أن يطلق عليه طلقة نار واحدة، لقد قام بعمل ناجح (تصفيق).
هذا ما أريد قوله من أجل طمأنة المجلس، فأنتم ترون أن العملية غير مسلحة.
كودين: أنا لم أقل أبدا هذا، أنا أتساءل ماذا يفعل 15 ألف جندي بالمغرب؟
الوزير: نحن في وضعية جيدة وأرجو النظر بعين متفائلة للعمليات الفرنسية بالمغرب” (ص:174؛ إفريقيا الفرنسية 1913).
مشروع القرض المغربي المقدم من لجنة الشؤون الخارجية
نقدم فيما يلي مقتطفات من التقرير الذي قدمه موريس لونك حول مشروع القرض المغربي باسم لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الفرنسي تحت رقم 2883 في 134 صفحة مع ملحق.
وفي ما يلي ملخصه الأساسي مدنيا وعسكريا:
“قال: المتأمل لحركتنا العسكرية بالمغرب منذ سنة، والذي تحدثت عنه الصحف والتقارير الرسمية بما يمكن من الاطلاع عن الانطباعات التي توبعت في الشمال أو الجنوب أو الوسط بشرق البلاد بشكل متسلسل تقريبا حيث العمليات التي تجري هناك بالتفصيل من أول نظرة.
فمنذ سنة تجاوزت أعداد قواتنا 40 ألف رجل لحوالي 74.323 رجل وذلك في فاتح ماي 1913، فيهم 2247 ضابطا، وهم مكونون كالتالي: 34 ألف فرنسي؛ 3500 من اللفيف؛ 15 ألف جزائري؛ 4500 تونسي؛ 8000 سنغالي؛ 12 ألف مغربي؛ (مساعدة، كوم، مختلط، خفر، إلخ).
احتلال المغرب عجل برفع القوات الجزائرية والتونسية لـ10 ألف رجل، وإنشاء فوج سنغالي، 14 ألف رجل بالمغرب والجزائر، وقوات مغربية 12 ألف كونت بشكل تدريجي.
هذه النتائج مع الأسف لم تتم دون تضحيات مؤلمة، فقد فقدنا من فاتح يناير 1912 لغاية 12 يونيو 1913 بما في ذلك المعركة الأخيرة بتادلا 401 قتيل فيهم 25 ضابطا و1401 جريحا، فيهم 42 ضابطا.
التقرير تعرض للتخفيض الذي وقع للقرض الأول للحماية من 230 لـ148 مليوم ونصف، هذا التخفيض الناتج عن عدم إدماج 70 مليون الخاصة بالتعويضات الحربية المفروضة على المغرب والمتعلقة بغزو الدار البيضاء والشاوية والمتضمنة في اتفاق 1910، والتي صارت إلزامية على حكومة الحماية دفعها للمتروبول، خاصة وأن المالية المغربية ما تزال في طور النشأة لا يمكنها استفاء تلك الالتزامات مما استلزم قرضا فرنسيا لذلك الغرض.
التقرير تعرض أيضا لبعض التخفيضات على المخزن القديم، حيث حول 25 مليون لأقل من 24 مليون من أجل أداء دين الحكومة الشريفة، جزء كبير من أجل تعويض ضحايا فوضى 1911 و1912 بفاس، مراكش، أكادير، حيث وصلت 17 مليونا، فلم يبق من القرض سوى خمسة ملايين للأشغال العامة التي تتطلب أكثر من ذلك بكثير.
أشغال ميناء الدار البيضاء يحتاج لقرض 50 مليون لإتمام أشغاله باعتباره أكبر ميناء على مساحة 140 هكتارا، وستدوم الأشغال به سبع سنوات، وهو عمل أساسي باعتبار المدينة مركزا لتجمع المعمرين الأوربيين البالغ عددهم 15 ألف نسمة، فيهم 10 آلاف فرنسي، وقد وصل سنة 1912 للدار البيضاء 8700 أوربي مدني فيهم 5800 فرنسي و1300 إسباني و1000 إيطالي وبعض الإنجليز والألمان، وقد تواصل التحرك في الأشهر الأربع من سنة 1913 حيث وصل للمدينة 5900 نسمة مقابل 1300 في نفس المدة بالنسبة للسنة الماضية.
وقد تم تخصيص سبعة ملايين لإصلاح موانئ مهدية والرباط ومازكان وآسفي وموكادور، وإصلاح بعض المنارات على الساحل، كما تم تخصيص 26 مليونا لإصلاح 1050 كلم من الطرق و15 مليونا لإنشاء الإقامة العامة والإدارات الوزارية، وتخصيص 2350 ألفا لتنصيب المصالح القضائية التي ستبقى بالرباط، وتخصيص اعتماد كراء بناية إدارية بـ500 ألف وثلاثة ملايين لكراء مقرات لإدارات الحماية، و150 ألفا للطوارئ، وأربعة ملايين مخصصة لمصلحة التعليم و500 ألف للخرائط الطبغرافية للمغرب (ص:266؛ إفريقيا الفرنسية 1913).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *