مسلم يكره الإسلام…! ذ.أحمد اللويزة

قبل الشروع في إخراج عدته ونض سكاكينه لسلخ جلد الإسلام، وتشويه صفائه، وتعكير جماله…، يعلن للقارئ والمستمع بأنه مسلم ولا يسمح لأحد أن يزايد على إسلامه، نعم يقولها بلسانه، ومن يستطيع أن يزيلها من لسانه الذي لا عظم فيه؛ يريد تلبيسا وتمويها ربما على البسطاء، لأنه يتوهم أغبياء وبلداء.
أن يكون مسلما أو لا، ذلك شأنه، وتلك صفة لا حق لأحد في أن يهبها لمن شاء أو يسلبها عمن شاء، إنها الغرابة كل الغرابة لمَّا تتابع مشوار هؤلاء البشر الذي يجعلون اللبيب حيران، ليس في أمرهم؛ ولكن في سذاجتهم التي تجعلهم يظنون الآخرين سينخدعون لتلبيسهم بيسر وسهولة، والأمر ليس كذلك، ولا أدل عليه من حاجتهم في كل مرة أن يعلنوا للناس دياناتهم في الوقت الذي يقرون فيه أن الدين شأن خاص بين العبد وربه، لكن الحقيقة الكامنة في أصل الفطرة تطغى أحيانا على الجحود والعناد، فيعلن فرعون في لحظة من نطق الفطرة رغما عنه “يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى” يقول هذا وهو الذي يزعم أن لا إله غيره عنادا واستكبارا، ومن يستطيع أن يغير الحقيقة مهما كان ماهرا في فن التدليس والتضليل.
بعد مقدمة إثبات الهوية…؟ يأتي التشمير على ساعد النقض والتنقيص والتجريح والتشويه… لهذا الدين الذي يزعم هذا الكائن الغريب أنه ينتمي إليه، فيحرص هؤلاء بعد أن يدعون قبل البدء في عملية القدح والتبخيس لدين الإسلام؛ أنهم موضوعيون يرومون الحقيقة، وهذا قول لا يخرج عن دائرة التضليل والادعاء الذي ذكرناه.
فيقولون في الإسلام ما لم يقله مالك في الخمر، وما لم يقله ربما غير مسلم حاقد في الإسلام، وما لم يقله غير مسلم في دينه، فهذا التناقض لا تجده إلا في من يدعي الإسلام؛ لكنه يخفي حقدا دفينا لدين انتمى إليه بالنسب والتاريخ والجغرافيا، حقد جاء نتيجة فراغ روحي وعقدي رافق مسيرة التعليم والتربية منذ الاستقلال، فلم يستطع أن يقاوم ضربات التشكيك الذي مارسه أعداء الدين إلى أن حملوا عنهم المشعل؛ فكانوا أكثر وفاء لإرادة المستعمر الغاصب الذي عجز عن تحقيق ما أراد بقوة السلاح فاختار نخبة من ذوي الفراغ فملأ قلوبهم بالحقد وأغراهم بالمال والجاه فكان ما كان، وإنه لمن من العيب والعار أن يكون عدو الإسلام مسلم نفسه، وهذا من ظلم ذوي القربى الذي هو أشد مضاضة من وقع السيف المهند.
في كثير من الملتقيات والندوات والمقالات والمداخلات تجد هذا المنهج الذي يعد خطة جديدة في تقويض معالم الإسلام؛ الدين الرباني الذي لا يقبل الله دينا غيره، ينبرى هؤلاء (الباحثون والمفكرون والدارسون…) لإظهار صورة قبيحة عن الإسلام؛ فيبحثون عن الشبه سبق أن روجها المستشرقون فكانت سلعة أصابها الكساد من زمان، ويعمدون إلى وقائع من التاريخ معزولة ويجعلونها هي الأصل مع أنها شذوذ لا حكم له، ويقدمون منحرفين فكريا وعقائديا من أمثال الحلاج وابن الراوندي وابن سبعين وغيلان الدمشقي… من الذين نشروا الفتنة في المجتمعات المسلمة على مرّ الدهور، على أنهم ضحايا الإسلام المتحجر الذي يعشق الدماء والقتل والتكفير.
يطعنون في الشعائر من صلاة وحج صيام وأعياد وأخلاق… متخفين وراء الزعم بأنهم ينتقدون ممارسات للإسلام وليس الإسلام!!! وكأنهم هم من يمثلون الممارسة الصحيحة والسليمة للإسلام، عجبا!!!
وعندما يقدمون هذه الممارسة الصحية لهذا الدين كما يزعمون يحصرونها في المسجد، أو في طقوس فارغة وربما لا علاقة لها بالإسلام لا أصلا ولا فرعا، وفي بعض القيم المشتركة كالتسامح والتضامن والانفتاح، دون حديث عن ما شرعه الله من مختلف العبادات والمعاملات التي ليس لها أي اهتمام في حياتهم إلا أن يكتبوا عنها أنها أشياء تجاوزها الزمن.
فينادون بضرورة تطويع الإسلام ليكون مناسبا للعصر وليس العكس. لكن كل إناء بالذي فيه ينضح، والزمن فضاح، حيث كل ما انتشر خبر نشره أبناء حرفتهم من بني تدليس وتلبيس يسيء إلى الإسلام إلا طاروا به فرحا، فحشدوا الحشود ورموا عن قوس واحدة فيغمزون الإسلام غمزا شديدا ويضربون بقوة استغلالا للفرصة التي لا ينبغي أن تضيع (مقال سعيد الكحل عن فتوى جهاد المناكحة نموذجا)؛ وقد أبيت قراءته إلا سطوره الأولى التي حمل فيها سلاحه المعهود من تبكيت ولمز، بزعم الغيرة على الإسلام ودفاعا عنه يكتب، عجبا! لكن هل سيجد من سيصدق؟! ربما.
إن كل ما يقولونه ليس إلا طعنا في الإسلام قصدا وشماتة، وما يكتبون ويدونون شاهدا وحجة على ذلك، ولكنهم يريدون إخفاء الشمس بالغربال، ويناضلون من أجل أن نصدقهم وهم في الحقيقة يكذبون على أنفسهم، ويسوقون ذلك للجهات الممولة التي تتخفى وراء هؤلاء الكراكيز والدمى التي يحركها الدرهم والدولار.
ولا يعرفون أنهم ينازعون الله في دينه وهو مُظهره وإن كره الحاقدون من كل دين وملة ومنهج… فيا عجبا كيف يحقد هؤلاء المسلمون… على إسلامهم! وكيف يقدمون خدمة -ليست مجانية بالطبع- لأعداء هذا الدين! حتى لم تعد معركة العلماء الصادقين الغيورين بحق على هذا الدين مع الآخرين بقدر ما هي حامية الوطيس مع بني جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا.
كم أتمنى أن يأتي الوقت الذي يدركون أنهم يخوضون معركة خاسرة من البداية، (ويا جبل ما يهزك ريح)، إنه الإسلام الذي اجتمعت عليه ملل الكفر منذ بزوغ فجره وإلى اليوم، فما استطاعت أن تحرك جنابه، ولا أن تفت في عضده؛ وها هم اليوم ما يؤرقهم شيء مثله، فكيف بشرذمة تفعل ذلك تزلفا وتملقا وتكسبا، ووعد الله أن لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *