قرن من المواجهة الفرنسية المغربية عبر الجمعيات (1892-2023) ذ.إدريس كرم

 

صرح الرئيس الفرنسي برغبته في مساعدة مناطق زلزال الحوز، عبر آلاف الجمعيات التابعة لفرنسا بالمغرب، وهو أمر شبيه بما تم في عهد الحسن الأول من تكليف شيوخ الطرقية ومريدوها، باستمالة سكان الطرف الشرقي بالخضوع للنفوذ الفرنسي، بيد أن السلطان كان رافضا لذلك، وفيما يلي بيان ذلك:

1- البعثة الفرنسية الإسلامية لشريف وزان في الواحات

وبالفعل سرعان ما بدأ مولاي عبد السلام الاستعداد لرحلته إلى الواحات، وسيتم تحديد طبيعة هذه الرحلة من خلال مجرد ذكر، تشكيلة الوفد المرافق للشريف الوزاني:

كانت فرقة مكونة من مائة فارس، جزء من اولاد سيد الشيخ، وجزء من خدام الشريف المحليين، وقد تم وضع الكل تحت قيادة القايد السي محمد بن بوبكر، ابن شقيق آغا جريفيل (محتلة فرنسية)، والسي قدور بن حمزة.

كان من المتوقع أنه سواء من خلال سلطته الشخصية على العديد من المنتسبين الكوراريين لفقراء الزاوية الطيبية، التي هو شيخها، أو من خلال تأثير ابن أخ السي قدور بن حمزة، على عدد مماثل من خدام سيدي الشيخ، (اولاد سيدي الشيخ المتواجدين جنوب وهران تحت الاحتلال الفرنسي، والذين ينتمون سمييهم في أعالي كير بالمغرب).

سيستقبل شريف وازان بترحيب حار في الواحات، وسيشكل بها وفدا من الأعيان الذين انضموا لركبه طواعية، مرافقينه في جولته التي انتهت في القليعة، المحتلة من قبل القوات الفرنسية قبل بضعة أشهر، (والذي طلب من سكانها السماح للفرنسيين بإنشاء برج بها) ويقدمه إلى العامل الجزايري، وإلى الجنرال توماسين، الذي تواجد وقتها في زيارة هناك، حيث تقبل هدايا خضوع هؤلاي الأعيان الجدد، من الكوراريين المصاحبين للشريف الوزاني.

ربما حتى المسؤولين الفرنسيين الكبار، لم يكن لديهم أمل في أن يحصلوا على ذلك الخضوع، وينزلوا بناء عليه “لمعيدن” ليحرروا بخضوع كورارة، الذين لم يكونوا تحت يد سرب الفرسان النظاميين الذين رافقهم مع الشريف، .بالإضافة لفرقة مهاريس المركز، زيادة على مائة فارس من كوم الشريف.

2- بيد أن رحلة الشريف، سارت بشكل مختلف تماما عما كان متوقعا في البداية:

فالحقيقة أن السلطان كان قد سمع بما جرى الإعداد له، وحتى قبل وصول مولاي عبد السلام ومرافقيه للواحات، فبعث برسالة شريفية جديدة قرئت من على منابر مساجد الكوراريين، جاء بها:

“إلى خدامنا الكرام، إلى كل قياد اخنافسة اتوات، وقضاتها، وفقهائها الخ.. وبعد:

بلغ لعلمنا الشريف أن الحاج عبد السلام الوزاني، سيذهب لبلادكم، لتضليلكم، ودفعكم للتحالف مع حكومة العدو، في مخالفة للمعاهدات، الواضحة والدقيقة.

لقد عرفناه بالفعل أنه قد تخلى عن دينه وإيمانه بنفسه، ووافق على أشياء مخالفة لتعاليم الدين، والتي لا يمكن اعتبارها قانونية، بأي حال من الأحوال.

أنتم لا شك في أنكم من رعيتنا، ورعايتكم علينا واجبة، وحكمنا عليكم جار شرعا، فاحترزوا على أنفسكم، وعلى أولادكم، وكل ما يتعلق بكم.

إن فيكم الشرفاء، ورجال الأدب، وأهل الخير والدين، إذا سعى الوزاني إلى جعلكم تميلون عن الطريق المستقيم ليقودكم لفعل المنكر، فلا تسمعوا له، تجنبوا كل حديث معه، وعاملوه كأنه من أدنى الناس، واتفقوا على ألا تتبادلوا معه قولا ولا فعلا، حتى لا يبقى له سبيل النجاح في خيانته.

احرصوا على أن تكون العقيدة الإسلامية هي العالية وأن ترفض جماعاتكم الاستماع للخطب التي قد يلقيها والتي لن يكون غرضها إلا جركم للمحرمات، نحن لا نشك فيكم، لأنكم تعلمون مسبقا ما سيحدث لاحقا من الوعود الكاذبة، التي سيتم تقديمها، ونحن على قناعة تامة بثبات إيمانكم، وإصراركم على التمسك بقرآن الله تعالى وحديث نبيه عليه السلام.. فمن تمسك بهما فقد نجا، ومن خالفهما فسينتقم الله منه والسلام”.

في 26 شوال 1309(26 مارس 1892).

أنظره في Quatre cycle d’histoire Maroc (ص:252-253).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *