في الفترة الأخيرة اهتم إدريس الكنبوري، بأدبيات حركة التوحيد والإصلاح، وقادتها.
فعلق على حسابه الفيسبوكي مساء يوم الثلاثاء 14 مارس، على قول أحمد الريسوني: “أن الحركة الاسلامية فشلت في امتحان الحريات”. تعليقا أقحم فيه مواضيع الحقوق والحريات والتطرف والاعتدال.
ونشرت آخر ساعة في نفس اليوم مقالا بعنوان: “هكذا تشحن التوحيد والإصلاح أتباعها بأحكام شيوخ التطرف”. وعنوان فرعي: “الحركة تربي أبناءها على التوجه السلفي المناقض للإسلام الوسطي”، معتمدة على تصريحات لإدريس الكنبوري أدلى بها لها، عن التطرف والاعتدال.
كما شارك في ملف أنجزته مجلة تيل كيل في عددها الأخير بعنوان: “الوجه المخفي لحركة التوحيد والإصلاح”.
وكان الكنبوري نشر تدوينة أواخر شهر فبراير، تلخص لنا هذا الاهتمام بالحركة، وتجمع ما تفرق في تلك الحوارات والتصريحات، ولأهميتها ننشرها كما هي، قال الكنبوري:
وأنا أطالع كتاب “سبيل الفلاح: منظومة التربية والتكوين لحركة التوحيد والإصلاح” أثارتني المصادر التي تم الاعتماد عليها. غالبيتها مصادر سلفية وهابية، بل منها المصادر الأم للوهابية مثل “شرح الأصول الثلاثة” لمحمد بن عبد الوهاب بشرح الشيخ العثيمين، و”التوحيد الذي هو حق الله على العبيد” لمحمد بن عبد الوهاب أيضا. و”العقيدة الواسطية” لابن تيمية، و”الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك” لصالح بن فوزان الفوزان، وغير ذلك.
أثار هذا استغرابي. أين هو محل العقيدة الأشعرية؟ هل يخفى على معدي هذا البرنامج أن هذه المصادر تعتبر الأشعرية فرقة ضالة، وأن عبارة “الرد على أهل الشرك” في عنوان كتاب الفوزان تشمل الأشاعرة؟ أين هو التدين المغربي الذي يتم تصديع رؤوسنا به صباح مساء؟.
هذه خلاصة الاهتمام بأدبيات الحركة، كمدخل للحديث عن الاعتدال والتطرف، ما يجعلنا نتساءل.
هل للاعتدال تعريف واضح ومحدد، وميزان معروف، ننزله عليه ونزنه به؟ أم أن الاعتدال نسبي؟ أم هو مزاجي؟
سبب تطرقي لهذا الموضوع، هو هذا الاهتمام المتزايد من البعض بموضوع التطرف والاعتدال، لتصفية الحسابات السياسية والإيديولوجية، وحين يقارب الباحث مواضيع التطرف والاعتدال بهذه الخلفية، (تصفية الحسابات) فإنه يجانب الصواب ويتكلف في الرصد والمتابعة والتحليل والتقييم والاستنتاج، فيبدو بحثه أو مقاله، أشبه بتقرير أمني، ولربما قام بأدوار غير دور الباحث الموضوعي، من وشاية وتحريض وتأجير لقلمه.
إن عدم ضبط مفهوم الاعتدال، سيبقيه سلاحا في يد الخصوم لتصفية الحسابات، ذلك أن الأمثلة الواردة أعلاه، تصنف علماء وأئمة وكتب ومراجع، في خانة التطرف، دون إعمال لأي ميزان. كما أنها تتحدث عن الأشعرية، بصفتها ممثلة الاعتدال، دون توضيح وتدليل أو برهان.
هل يعتقد المتحدث أن الأشعرية تمثل الاعتدال حقا، أم أن ذلك يأتي في سياق شيطنة جهات معينة، مسايرة وتساوقا مع الخطاب الرسمي، الذي يرفع شعارات جوفاء، لا تصمد عند أدنى تحقيق.
إن الباحث لا يغيب عنه التشابه بل التطابق بين الأشعرية، وما يقول الكنبوري أنه سلفية وهابية، في كثير من المباحث، التي تعتبر تطرفا في ميزان العلمانية، لذلك تحدثت في بداية موضوعي عن أي ميزان يزن به المناهج والمذاهب والعقائد، المتكلم عن الاعتدال والتطرف، هل يقيمها بأدوات الشرع، أم بأدوات من خارج الشرع.
إن تقييم الاعتدال والتطرف بميزان العلمانية ومواثيق الأمم المتحدة، يجعل الأشاعرة والصوفية والمعتزلة والشيعة والمرجئة والمالكية والأحناف والشافعية، وعلماء المغرب قديما وحديثا، ورموز السلفية الوطنية، كلهم سلفية وهابية، ومتطرفون إرهابيون.
وأحيل الباحث الكنبوري لموقف الأشاعرة من مخالفيهم، حيث اعتبروا الفلاسفة كفار، والمعتزلة والجهمية ضلال، وكل من خالف الأشاعرة مبتدعة ضلال، ومن الأشاعرة من اعتبرهم كفار، ويضيق المقام عن ذكر الأمثلة على ذلك، لكنني أختم بالإشارة لبعض مراجع الأشاعرة، كالرسالة التسعينية، ورسالة إلى أهل الثغر وغيرها كثير، ولنا عودة.