انتقد ممثلون عن أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار التقرير الأولي الصادر عن لجنة كوفي أنان لتقييم الأوضاع في ولاية أراكان، لعدم النص صراحة على جرائم الإبادة الجماعية وتجنب ذكر اسم الروهينغا.
ورغم ذلك فإنهم لم يقللوا من أهمية التقرير باعتباره وثيقة رسمية إضافية تطالب بمعاقبة الجناة وإعادة المهجرين وتفكيك مخيمات اللاجئين.
وتساءل مدير المركز الروهينغي العالمي في كوالالمبور فريد عبد الجبار عن صدقية لجنة شكلتها حكومة ميانمار المتهمة بالوقوف وراء الجرائم، والاكتفاء بالمطالبة بمعاقبة المجرمين دون توجيه الاتهام صراحة للجهة التي ارتكبت الجرائم.
وقال عبد الجبار للجزيرة نت إن تقرير لجنة أنان الذي صدر يوم 17 مارس الجاري ناقص، فالجهة التي نفذت وتنفذ الاعتداءات معروفة برأيه، وهي الجيش وقوات الأمن والشرطة في ميانمار، كما أنه يتجاهل الحقائق على الأرض التي رواها آلاف السكان والمضطهدين ومنظمات حقوق الإنسان العالمية بعدم استخدامه مصطلح الإبادة الجماعية، وعدم توجيه الاتهام مباشرة للمجرمين.
وفي السياق ذاته، طالب رئيس شبكة حقوق الإنسان في ميانمار تشيو وين بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية محايدة، وقال للجزيرة نت “لا فائدة من لجنة غير ملزمة ومرجعيتها حكومة ميانمار”.
التاريخ والثقافة
من ناحيته، حذر الأمين العام لمجلس الجالية الروهينغية في ماليزيا رياض عبد المنان من تجاهل اسم الروهينغا بما يلغي تاريخهم ويشوه صورتهم، مشيرا إلى أن سلطات ميانمار طلبت من الروهينغا تسجيل أنفسهم بهدف منحهم بطاقات خضراء تمهيدا للجنسية.
ومما يعزز قلق الروهينغا تغييب اسمهم في تقرير أنان، واشتراط سلطات ميانمار اعتراف الروهينغا بأنهم بنغال من أجل حصولهم على البطاقة الخضراء، وهو ما يُجمع على رفضه أبناء عرقية الروهينغا.
ويضاف إلى أن إلغاء الاسم يعني إلغاء ثقافة وتاريخ المنطقة، فبعد تغيير اسم أراكان إلى راخين تحاول سلطات ميانمار إلغاء وجود الروهينغا أصلا من المنطقة.
واستبعد عبد المنان أن يغير التقرير من الواقع في ولاية أراكان، وقال إنه شبيه بتقارير كثيرة صدرت عن هيئات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية.
وقال في تصريحات للجزيرة نت إن الروهينغا غير متفائلين بإمكانية تنفيذ التوصيات التي نص عليها التقرير، نظرا لأنها صادرة عن لجنة استشارية غير ملزمة.
ومن هنا جاء انتقاد كثير من ممثلي الروهينغا في ماليزيا لعدم نص تقرير لجنة أنان على الروهينغا بالاسم، رغم أنه لم يتبنّ موقف الحكومة التي تطلق عليهم اسم البنغال.
آسيان وماليزيا
الحكومة الماليزية التي تستقبل أكثر من 56 ألف لاجئ روهينغي لم تعلق على تقرير لجنة أنان، لكن مقربين منها رأوا أنه يصب في سياق موقفها المطالب بإيجاد حل لقضية الروهينغا، حيث إن التقرير من وجهة نظرهم اعترف صراحة بأن الأقلية المسلمة تواجه تمييزا عرقيا، ونص على الحاجة إلى معالجة القضية وفق أسس تاريخية وإنسانية، وضرورة إشراك منظمة آسيان وغيرها من الشركاء الدوليين لأن القضية لم تعد خاصة بميانمار وإنما أصبحت قضية إقليمية.
وتتبنى الحكومة الماليزية سياسة الانخراط البناء مع حكومة ميانمار بهدف الوصول إلى حل لقضية الروهينغا وتدفع باتجاه إشراك المؤسسات الدولية -لاسيما “آسيان”- في الحل، نظرا لأن دول آسيان متضررة من تدفق اللاجئين الروهينغا، وتصنف ماليزيا على أنها ثالث دولة تستضيف لاجئين روهينغا بعد السعودية وباكستان.