الابتلاء من سنن الله… “لقدْ أُوذيتُ في الله” الابتلاء سُنّة مِنْ سُننِ الله عزّ وجل في حياة المؤمنين، للتمحيص والاختبار، والتمييز بين الصادق والكاذب، وتلك السُنّة ما نجا منها نبي، ولا غابت عن حياة مؤمن، قال الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:3:2). قال ابن كثير: “ومعناه: أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان، كما جاء في الحديث الصحيح: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء)، وهذه الآية كقوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (آل عمران:142)، ومثلها في سورة “براءة” وقال في البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (الْبَقَرَةِ: 214)، ولهذا قال هَاهُنا: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} أي: الذين صدقوا في دعواهم الإيمان ممَّن هو كاذب في قوله ودعواه”. وقد اقتضت حِكمة الله تعالى أنْ يبتلي أنبياءَه ورُسُلَه بأنواعٍ شتَّى من الإيذاء والابتلاء، ليكونوا قدوة لأتباعهم في الصبر والثبات، عن سعد بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: (قلْتُ: يا رسول الله! أَيُّ النَّاسِ أشَدُّ بلاء؟ قال: الأنبياء، ثمَّ الأْمثل فالأمثل، يُبْتَلَى الرجلُ على حسب دينه) رواه الترمذي وصححه الألباني. ونبينا محمد صلى الله أوذي في سبيل الله عز وجل إيذاءً شديداً حتى قال صلوات الله وسلامه عليه: (لقدْ أُوذيتُ في الله). والسيرة النبوية فيها الكثير من المواقف الدالة على شدة إيذاء قريش للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة وجمع قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي أيكم يقوم إلى سلا جَزور (جلد بعير مذبوح) آل فلان فيَعْمد إلى فرثها ودمها وسلاها (رجيعها وما في بطنها) فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي ساجداً فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام وهي جويرية (صغيرة)، فأقبلت تسعى وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً حتى ألقته عنه) رواه البخاري. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد أُوذيتُ في اللهِ، وما يُؤْذى أَحَدٌ، وأُخِفْتُ (هُدِّدْتُ وتوعدت بالتعذيب والقتل) في اللهِ (في إظهار دينه)، وما يُخافُ أَحَدٌ، ولقد أتَتْ عليَّ ثلاثةٌ من بينِ يومٍ وليلةٍ، وما لي ولبلالٌ طعامٌ يأكُلُه ذو كَبِدٍ، إلَّا ما يُواريه (يستره وبغطيه) إِبْطُ بلال) رواه أحمد وصححه الألباني. قال المباركفوري في “تحفة الأحوذي”: “والمعنى: أن بلالاً كان رفيقي في ذلك الوقت، وما كان لنا من الطعام إلا شيء قليل، بقدر ما يأخذه بلال تحت إبطه”. وقال الطيبي: “(من بين يوم وليلة) تأكيد للشمول: أي ثلاثين يوما وليلة متواترات، لا ينقص منها شيء من الزمان”. وقال المناوي: “(لقد أوذيت في الله): أي في إظهار دينه وإعلاء كلمته، (وما يؤذى أحد): من الناس في ذلك الزمان، بل كنتُ المخصوص بالإيذاء لنهيي إياهم عن عبادة الأوثان وأمري لهم بعبادة الرحمن، (وأخفت في الله): أي هُدَّدْتُ وتوعدت بالتعذيب والقتل بسبب إظهار الدعاء إلى الله تعالى، وإظهار دين الإسلام، وقوله: (وما يخاف أحد): حال أي خُوِّفْتُ في الله وحدي وكنت وحيداً في ابتداء إظهاري للدين، فآذاني الكفار بالتهديد والوعيد الشديد، فكنت المخصوص بينهم بذلك في ذلك الزمان، ولم يكن معي أحد يساعدني في تحمل أذيتهم”. هذه بعض المواقف والصور من الإيذاء الشديد الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم من قومه، ولذلك قال: (لقد أُوذيتُ في اللهِ، وما يُؤْذى أَحَدٌ، وأُخِفْتُ في الله، وما يُخافُ أَحَد)، وعلى الرغم مما فعله قومه معه، إلا أن ذلك لم يُضْعِفه صلوات الله وسلامه عليه، بل ظل ثابتاً مستمراً في دعوته، صابراً على قومه، راجياً إسلامهم، وأن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله ولا يشرك به شيئاً، وهذا درس هام من دروس السيرة النبويةة.

ءالابتلاء سُنّة مِنْ سُننِ الله عزّ وجل في حياة المؤمنين، للتمحيص والاختبار، والتمييز بين الصادق والكاذب، وتلك السُنّة ما نجا منها نبي، ولا غابت عن حياة مؤمن، قال الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:3:2).

قال ابن كثير: “ومعناه: أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان، كما جاء في الحديث الصحيح: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء)، وهذه الآية كقوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (آل عمران:142)، ومثلها في سورة “براءة” وقال في البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (الْبَقَرَةِ: 214)، ولهذا قال هَاهُنا: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} أي: الذين صدقوا في دعواهم الإيمان ممَّن هو كاذب في قوله ودعواه”.

وقد اقتضت حِكمة الله تعالى أنْ يبتلي أنبياءَه ورُسُلَه بأنواعٍ شتَّى من الإيذاء والابتلاء، ليكونوا قدوة لأتباعهم في الصبر والثبات، عن سعد بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: (قلْتُ: يا رسول الله! أَيُّ النَّاسِ أشَدُّ بلاء؟ قال: الأنبياء، ثمَّ الأْمثل فالأمثل، يُبْتَلَى الرجلُ على حسب دينه) رواه الترمذي وصححه الألباني. ونبينا محمد صلى الله أوذي في سبيل الله عز وجل إيذاءً شديداً حتى قال صلوات الله وسلامه عليه: (لقدْ أُوذيتُ في الله).

والسيرة النبوية فيها الكثير من المواقف الدالة على شدة إيذاء قريش للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة وجمع قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي أيكم يقوم إلى سلا جَزور (جلد بعير مذبوح) آل فلان فيَعْمد إلى فرثها ودمها وسلاها (رجيعها وما في بطنها) فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي ساجداً فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام وهي جويرية (صغيرة)، فأقبلت تسعى وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً حتى ألقته عنه) رواه البخاري.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد أُوذيتُ في اللهِ، وما يُؤْذى أَحَدٌ، وأُخِفْتُ (هُدِّدْتُ وتوعدت بالتعذيب والقتل) في اللهِ (في إظهار دينه)، وما يُخافُ أَحَدٌ، ولقد أتَتْ عليَّ ثلاثةٌ من بينِ يومٍ وليلةٍ، وما لي ولبلالٌ طعامٌ يأكُلُه ذو كَبِدٍ، إلَّا ما يُواريه (يستره وبغطيه) إِبْطُ بلال) رواه أحمد وصححه الألباني.

قال المباركفوري في “تحفة الأحوذي”: “والمعنى: أن بلالاً كان رفيقي في ذلك الوقت، وما كان لنا من الطعام إلا شيء قليل، بقدر ما يأخذه بلال تحت إبطه”.

وقال الطيبي: “(من بين يوم وليلة) تأكيد للشمول: أي ثلاثين يوما وليلة متواترات، لا ينقص منها شيء من الزمان”.

وقال المناوي: “(لقد أوذيت في الله): أي في إظهار دينه وإعلاء كلمته، (وما يؤذى أحد): من الناس في ذلك الزمان، بل كنتُ المخصوص بالإيذاء لنهيي إياهم عن عبادة الأوثان وأمري لهم بعبادة الرحمن، (وأخفت في الله): أي هُدَّدْتُ وتوعدت بالتعذيب والقتل بسبب إظهار الدعاء إلى الله تعالى، وإظهار دين الإسلام، وقوله: (وما يخاف أحد): حال أي خُوِّفْتُ في الله وحدي وكنت وحيداً في ابتداء إظهاري للدين، فآذاني الكفار بالتهديد والوعيد الشديد، فكنت المخصوص بينهم بذلك في ذلك الزمان، ولم يكن معي أحد يساعدني في تحمل أذيتهم”.

هذه بعض المواقف والصور من الإيذاء الشديد الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم من قومه، ولذلك قال: (لقد أُوذيتُ في اللهِ، وما يُؤْذى أَحَدٌ، وأُخِفْتُ في الله، وما يُخافُ أَحَد)، وعلى الرغم مما فعله قومه معه، إلا أن ذلك لم يُضْعِفه صلوات الله وسلامه عليه، بل ظل ثابتاً مستمراً في دعوته، صابراً على قومه، راجياً إسلامهم، وأن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله ولا يشرك به شيئاً، وهذا درس هام من دروس السيرة النبوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *