أثارت صور منسوبة للنائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، آمنة ماء العينين، دون حجاب بالعاصمة الفرنسية باريس، الجدل مجددا حول موضوع الحجاب، وكيف يمكن لممثلة عن الأمة في البرلمان أن ترتديه داخل المغرب وتتخلى عنه خارجه.
وفي مقابل الاتهام باستغلال الدين للوصول إلى مآرب سياسية حاول بعض الإسلاميين الذين وقعوا في الحرج بسبب صور ماء العينين إلجام الخصوم السياسيين والأيديولوجيين بأن الصور المنسوبة لقيادية البيجيدي تدخل في باب الحريات الفردية للفاعل السياسي، وأن الأمر وراءه مؤامرة لإسكات الأصوات المزعجة.
فاستهداف حزب العدالة والتنمية والسعي للتشهير ببعض قيادييه أمر يمكن القبول به كواقع، بل هو مصدق وصحيح، حيث إن بعض المنابر قد حَصرَت موادها الإعلامية لتحقيق هذا الهدف، والنيل وبكل الوسائل والطرق من حزب المصباح، كما أن بعض الفاعلين السياسيين والحقوقيين باتت جل تصريحاتهم سب وشتم وتحريض ضد حزب العدالة والتنمية ومناضليه.
لكن ما لا يمكن القبول به هو أن يتبنى من كان رئيس الحزب الذي حاز على الأغلبية في البرلمان بسبب مرجعيته الإسلامية، شعار “الحرية الفردية” بمفهومها العَلماني ويدفع به في وجه من يروج صور ماء العينين متبرجة بباريس.
ماء العينين، بشر يمكن أن تخطئ وتصيب، وكل ابن آدم خطاء، لكن تبرير الخطأ والتترس بنظرية المؤامرة، لا يليق بالفاعل السياسي النزيه، فبالنسبة لصور ماء العينين التي يتم ترويجها فإن صحت فقد التقطت بإرادتها، وربما صورت بهاتفها أيضا، بخلاف صور محمد يتيم التي التقطت له خلسة بباريس الفضائح.
ماء العينين لا تمثل بتصرفها هذا لا حزب العدالة والتنمية ولا المرأة المحتجبة، فهو سلوك فردي تتحمل مسؤوليته وحدها أمام الله تعالى وأمام المجتمع.
والدفاع عنها، بالطريقة التي اختارها الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران والتي عبّر عنها بقوله “شنو جاب الحجاب للإيمان.. كاين أمور كبروها.. الحجاب واللحية عطيناهم مكانة أكبر من اللازم”، لا يخدم حزب المصباح ويدخله في مشاكل مع قاعدته الانتخابية من منخرطين ومتعاطفين، هو في غنى عنها، ويضع بنكيران في موقف حرج علميا وسياسيا.
صحيح وفق الأدبيات السياسية العلمانية المعمول بها في المغرب يعتبر الحزب الذي تنتمي إليه ماء العينين حزبا سياسيا وليس حزبا دينيا، ومسألة تحجّب مناضلاته من عدمه لا يمكن على الإطلاق مناقشته أو اتخاذ أي قرار إزاءه وإلا عدّ الحزب جماعة دعوية، ومخالفا لقانون الأحزاب، الذي يمنع تأسيس حزب على أساس ديني.
هذا الأمر يعلمه جل المتابعين للمشهد السياسي، لكن أن يسمح حزب؛ انبثق عن حركة دعوية إسلامية يصوت عليه كثير من الناخبين بسبب مرجعيته؛ بتسرب مفاهيم علمانية، سيؤثر في شعبيته ويزعزع مكانته وحضوره في المشهد السياسي والثقافي، كما سيفتح لا محالة الباب واسعا للتطبيع مع كثير من الأفعال والسلوكات التي كان يعتبرها العدالة والتنمية وإلى الأمس القريب شاذة ومخالفة للهوية والتدين المغربي.