انطلق صباح اليوم الأربعاء، 27 فبراير، المؤتمر الدولي الثاني لدراسات الوسطية “التراث ومتطلبات المستقبل”، من تنظيم مؤسسة الـمهدي بن عبود للبحوث والدراسات والإعلام، بتعاون مع الـمنتدى العالـمي للوسطية، والاتـحاد العالـمي لعلماء الـمسلمين.
وانطلق المؤتمر بكلمة تقديمية من رئيس المؤتمر الدكتور أحمد كافي، مهد فيها بالرجوع للدورة الأولى للمؤتمر، وتفادي أخطائها.
ويعقد المؤتمر الدولي الثاني لدراسات الوسطية “التراث ومتطلبات المستقبل”، يومي 21 و22 جمادى الثانية 1440هـ الموافق لـ 27 و28 فبراير2019م بفندق إيدو أنفا – الدار البيضاء. وسينظم بالمناسبة حفل تكريم ولقاء مفتوح مع المستشار الملكي د. عباس الجراري.
ويشارك في أشغال المؤتمر 200 مشارك من علماء وباحثين مغاربة وأجانب، يتباحثون الموقف من التراث بين دعوات القطيعة ونزعات التقديس، ومقتضيات التاريخ وإلزامية الأحكام الفقهية، ومتطلبات المستقبل وأثقال التراث، والتراث الإسلامي وأسئلة التجديد، وغيرها من القضايا المرتبطة بالموضوع، لتقديم أجوبة عن السؤال المركزي: كيف نتعامل مع التراث اليوم؟
ويعتبر المنظمون أن التراث مستمر بنا وفينا وعن طريقنا، وينبغي أن نقر بأنه يضم تجارب وخبرات إنسانية تشمل الحق والباطل، والصواب والخطأ، وهو وعاء ضخم لا يكف عن التمدد والاتساع، يتضمن خبرات اللغة والأدب، والاجتماع والسياسة، والفقه والفلسفة، والعلم والنظر.
ويشمل أيضا -عند الكثير من الباحثين- العلوم التي تأسست حول الوحي: من فقه، وأصول، وفتاوى…الخ. ولا مشاحة في الأسماء إذا ضبطت المعاني والحقائق.
وانطلق هذا المؤتمر من ثلاث مقدمات:
1. ضرورة الوعي بكون صواب الأمس قد يصبح خطأ اليوم، وخطأ اليوم قد يتحول إلى خطيئة الغد، فالأفكار والاقتراحات والحلول مثل الأغذية والأدوية تفقد صلاحيتها بمرور الأزمان، فكما لا يحسن بأحد أن يستنير بقناديل الأمس متى توفرت مصابيح اليوم، وكما لا يحق لجراح أن يجري عمليات اليوم بأدوات عباقرة جراحي الأمس، كذلك هي أغلب معارف الأمس في علوم الطبيعة والإنسان، وفي الفقه والمقاصد والتفسير… فالماء الراكد يفسد، والعلم الجامد يضمحل، والدوام لله وحده. إلا ما كان راسخا في الأرض يسجل ثباته واستمراره وديمومته. ولكن ما هي نسبة هذا الثابت من المتغير الذي فقد شروط الاستمرار.
2. ضرورة التحرر من أخطاء التراث وأباطيله، وليس هذا بالأمر السهل اليسير، فقد اختلطت -بتوالي العهود- الكثير من الأهواء المذهبية والعصبيات العرقية والمصالح السياسية الضيقة بمعارفه وعلومه الدينية وغير الدينية.
3. من الخطإ تجاهل ما خلفه السابقون من علوم وفنون ومعارف وآداب.. بحجة أن الزمن قد تجاوزها، وأنها لا تصلح بعدهم لشيء. إن في تراث الأقدمين من الثروات ما لو تم التفريط فيها لانعدمت شروط التراكم المعرفي الضروري لكل تجديد وتطوير، فلنا في صوابهم حكمة، وفي خطئهم عبرة، إذ ليس السؤال في ذات التراث بل في نوع الاستفادة وطرق التوظيف.