في حوار مرئي، خرج الممثل التائب هاشم البسطاوي، ليكشف عن أسباب اعتزاله مجال الفن والتمثيل، ويميط اللثام عن مرحلة تكوين وتجربة فنية مثيرة.
فهاشم، وفق قوله، هو الوحيد في أسرة البسطاوي -رحمه الله-، الذي درس الفن والمسرح في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وخاض تجربة فنية بعد تحصيل وتكوين من أساتذة مختصين في المجال.
تجربة هاشم كانت صادمة، حيث كشف أن بعض أساتذة المعهد العالي الذين درسوه يشجعون الطلبة على الإلحاد ومحاربة العلماء والدعاة، ويتفننون في السخرية منهم.
وقال هاشم بالحرف “هناك من الطلبة من دخلوا المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، مسلمين وتحولوا إلى ملحدين بسبب بعض الأساتذة والمناهج الدراسية والمسرحيات والأعمال التي أنتجها ملحدون”.
وكشف أنه اشتغل “مع ملاحدة عندهم أفكار يريدون بها -حسب زعمهم- تحرير المغاربة”، وأضاف “عندما تذهب للدراسة ينتابك إحساس أنك تدرس في وسط يوجد خارج المغرب، لا يوجد الإسلام في المعهد.. بعض الأساتذة ملحدين ويعلنون إلحادهم..”.
طبعا؛ لم يكن لتصريحات هاشم، التي كسرت طابو الفن، وما يمرر عبره من قناعات وأفكار، أن تمرَّ دون أن تثير حفيظة سدنة المعبد اللاديني، الذين هبّوا زرافات ووحدانا لنهش لحم الفنان التائب، والطعن في شخصه وقدراته الفنية وعرضه، والتسلل إلى مناطق حساسة من جسده أيضا.
حيث خصصت يومية “الأحداث” وعلى صفحتها الأولى “مادة إعلامية” للنيل من هاشم، واتهمته بالسطو على مجال الفن، مدعية أنه نكرة وشخص غير معروف.. ولم تقف اليومية المثيرة للجدل عند هذا الحد فقط، بل ارتدت جبة الفقيه الشرعي لتفتي المغاربة بأن “الغناء حلال وجمال كله، والله جميل ويحب الجمال”، موجهة قراءها إلى عدم الإنصات “للقبح وأصوات القبيحين الذين يخشون الإبداع والفن ويخافون الجمال”.
طيب؛ إذا كان الفنان الذي شارك في مجموعة من المسلسلات، آخرها “سلمات أبو البنات”، وعبرت أسرة الفن عن صدمتها لاعتزاله، ليس معروفا ونكرة ولم يبدأ خطواته الأولى بعد، ووو، فلماذا يا ترى تكتب عنه “الأحداث” على صفحتها الأولى، ويُنتدَب مديرها لمهاجمته، ويخصص كل هذا الوقت والجهد ليحرض فقط على شاب تاب إلى الله تعالى؟!
ألا يعلم هؤلاء فعلا بوجود بعض الأساتذة في التعليم والفن وغيرهما من المجالات الأخرى يغرون الشباب بالإلحاد، ويعملون جاهدين لزعزعة عقيدتهم؟
أعتقد أن الأمر كان مؤلما جدا بالنسبة لـ”الأحداث” ومديرها صاحب فضيحة قناة “الميادين”، لأن هاشم ربط في حديثه مجال الفن بالحلال والحرام، والامتثال لأمر الله، ورسالة الإنسان في الحياة الدنيا، فمايز بذلك بين المقدس والمدنس.
وهذا ما أثار جنون منبر آخر، ويتعلق الأمر هذه المرة بالجريدة الإلكترونية “كود”، التي تتبنى “على عينك أبنعدي” خطا إلحاديا يعارض تماما إسلامية الدولة، ويطعن جهارا نهارا في الدين والصلاة والعلماء والرسل والله تعالى، حيث زعمت الجريدة المذكورة، وبلغة فيها كثير من قلة الحياء و”التسلكيط” والتحريض أن البسطاوي “من بعد ما اعلن الاعتزال ديالو ناض كايكفّر الاساتذة ديالو فالمعهد العالي للفن المسرحي! واشوف الضسارة كي دايرة! غدا ولا بعدو ينوض شي مسطي يشتت ترمتو فباب المعهد فين غانوليو؟!”.
فمجرد إعلان التوبة، وكشف جانب مما يجري خلف ستارة الفن، وردهات معهد تكوين الفنانين، كان كافيا لاستعمال كل هذا القاموس التحريضي “الخاسر”، ومصادرة الحرية، واستدعاء السلطة، وكأن هاشم جاء بجيش عرمرم خمساي ليهدم أركان المعبد العلماني!
كم أنتم ضعفاء، لا تستطيعون مناقشة الأفكار، وفي كل نقاش تهاجمون الأشخاص، صراحة أقدر جيدا الوضع الذي أنتم فيه، والخوف الذي تشعرون به، لكن اطمئنوا كل الاطمئنان، فهاشم لا يسعى لإيذاء أحد، وإنما للعيش بهدوء وسلام، في جو يجد فيه الراحة والسكينة والإيمان، ويبدو أنه وجد ما كان يبحث عنه.
أشير في الختام أن الإرهاب الذي مورس على هاشم البسطاوي يتكرر مع كل فنان تائب؛ سواء في المغرب أو الأردن أو مصر أو لبنان.. ذلك أن الفن الذي يؤمن به القوم لا يهدف إلى ترقية الإنسان والتبشير بقيم عليا، وإنما هو قنطرة لتمرير مجموعة من الأيديولوجيات والنظريات الفلسفية التي خرجت بالإنسانية عن إطارها الصحيح.