توصلت جريدة السبيل بمقال للسيد مصطفى الحسناوي وهو عبارة عن رد على مقال للصحفي المختار لغزيوي الذي انتصر فيه لمجلة نيشان متهكما على صاحب الرد لكونه تجرأ في نظره وتقدم بشكاية ضد المجلة المذكورة لدى وكيل الملك بابتدائية الرباط، وفي اتصال هاتفي أعرب السيد الحسناوي أنه أرسل هذا المقال إلى جريدة الأحداث قصد نشره، تشبثا بحقه في الرد والاستدراك المكفول بقانون الصحافة، إلا أن الجريدة المذكورة لم تستجب لطلبه ولم تحترم قانون الصحافة في هذا الشأن.
وحتى لا نحرم القراء الكرام الذين قرؤوا لصحفي الأحداث من الإطلاع على رد المشتكي آثرنا نشره.
لم أر أكثر تناقضا في خطابه ولا تهافتا في تحليله من مختار لغزيوي ففي الوقت الذي صفق لإقفال قناة الجزيرة وحرض على ذلك، دون أن يكترث لحرية التعبير، خصني بمقال في جريدة الأحداث المغربية عدد 3737 بتاريخ 25 جمادى الأولى 1430 الموافق 21 ماي 2009 بعنوان: “هادا مالو؟” عاب علي فيه اللجوء إلى مقاضاة مجلة “نيشان” مع ثبوت انتهاكها لأحكام الشرع والقانون، معتبرا تصرفي ظلامية وتخلفا وديكتاتورية، هو الذي يدعي وأمثاله، النضال من أجل دولة الحق وسيادة القانون، وطالبني الاكتفاء بكتابة مقال، وكأن على المغاربة إذا ما أرادوا دفع مظلمة أو رد عدوان، أن يحرروا مقالا لينشر في وسائل الإعلام التي يهيمن العلمانيون على 90 في المائة منها، مع العلم أن أغلبية المواطنين لا يحسنون الكتابة في الصحف بله المقارعة والحجاج، لتكون النتيجة التزام الصمت، والتواري عن الأنظار.
غريب أمر “الغزيويين” -وهم من يشبه الغزيوي في علمانيته- يرمون خصومهم بما يقترفونه صباح مساء وينتقدون ويتهمون ويرغون ويزبدون على من يخالفهم، ويحرمون عليهم ما يحلون لأنفسهم، فصدق فيهم المثل “رمتني بدائها وانسلت”.
من جهة أخرى، لست أدري لماذا حين يتحدث العلمانيون عن القضايا والملفات الشائكة الكبرى، والأفكار المفصلية بينهم وبين خصومهم، أو بعبارة أوضح حين يروجون لسلعتهم ويسوقون بضاعتهم المستوردة، يتحدثون عن الأمر بسذاجة ماكرة وسطحية مقرفة، توحي بأن الكل قبل بضاعتهم، وأن المعارضين لها قلة قليلة متشددة متطرفة متمشرقة، فهم يتحدثون وكأن حربا ضروسا دارت بينهم وبين خصومهم أبادوا فيها خضراءهم، وملكوا رقابهم، وأرغموهم على التوقيع على شروطهم المذلة والخضوع لقانونهم وإرادتهم المجحفة، يتحدثون عن مكتسبات بلا حرب وعن مسلمات بلا استسلام. يتحدثون عن مكتسبات وهمية لهم، ويوهمون الناس أنها مكتسبات للشعب، حققها في معركته الطويلة.
وحين يتحدث معك العلماني يتحدث من منطلق أن هذا هو الواقع الذي رضيه المجتمع منهجا ودينا، (فيتحدث باسم المجتمع وينكر عليك حين تفعل) وأنك حين تنكره وترفضه فإنك لا تمثل إلا نفسك أو شرذمة قليلة من المتخلفين، ويتهمك بالرجعية والتطاول وتنصيب نفسك مدافعا عن الآخرين، ولائحة الاتهامات طويلة و صكوكها كثيرة.
لما فكرت في تحريك الدعوى القضائية ضد نيشان لم تحركني إلا عقيدتي والتي أنا على استعداد لأشنق في سبيلها، وكنت فعلا “ديال راسي” كما حاول صاحب المقال افتراض ذلك وتصديقه بصعوبة توحي بعكسه. (وهي عقلية كل العلمانيين المصابين بالإسلاموفوبيا، الذين يرون في يقظتهم ومنامهم مخططات تقودها تنظيمات إسلامية دولية، ودول رجعية مارقة، وهي نفسها نظرية المؤامرة التي ينكرونها على خصومهم حين يتحدثون عن مخططات صهيونية وصليبية)، كنت “ديال راسي” ولم تحركني إيران ولا طالبان ولا جماعة التبليغ ولا تنظيم القاعدة، ولا خلية بلعيرج ولا السلفية الجهادية ولا الدعوية ولا حزب العدالة والتنمية ولا غريمه حزب الأصالة والمعاصرة، ولا حتى الجن الذي أنكرته مجلة “نيشان” رغم وجوده بنص القرآن.
حين قدمت شكايتي ضد نيشان جراء ما لحقني من ضرر واستفزاز. وجراء استهزائها بما أعتقده حقا مطلقا، اعتبر صاحب المقال تصرفي ظلامية وديكتاتورية، (وهو أمر كنت أتوقعه وأتوقع ما لا يخطر على بال ولا يقبله عقل مما يمكن أن ينتجه الحقد المسيطر على نفوس هاته الفصيلة من البشر). حين فعلت ذلك كان هدفي أيضا إثارة نقاش حول عدد من الأفكار والمفاهيم التي يراد لها أن تصبح مسلمات وإشراك الرأي العام فيه، نقاش يسهم في رسم حدود لحرية لا تعترف بمقدس ولا قيمة، وهل نحن في بلد إسلامي أم علماني؟
وأين العلماء مما يراد بهذا البلد؟
وأين هم من هذا الانفجار الجنسي والفساد الأخلاقي؟
واخترت مجلة نيشان لأنها تستحق لقب رائدة إعلام الإباحة الجنسية، وإلا فإن جرائد ومجلات أخرى تستحق مقاضاتها من بينها طبعا جريد الأحداث المغربية، (لأن نشر الصور العارية عيب أسي المختار ولا علاقة له بحرية التعبير، ولا حتى بالثقافة الجنسية) لأنها لا تعير دين هذا الشعب أي اهتمام، وتتجاهل كل الأعراف والقوانين، ورغم ذلك تزايدون على غيركم في الوطنية والتحضر والانضباط، أنتم أصحاب شعارات الدولة المدنية والدولة الحداثية ودولة القانون وغيرها من الشعارات الجوفاء .
إن كانت نيشان، خالفت دين الإسلام وقانون البلاد، فلم التباكي عليها؟
ولماذا تعتبرون الامتثال للقانون ديكتاتورية؟
وإن كانت نيشان بريئة، وكل ما اتهمتها به مجرد ادعاءات وافتراءات فإن القضاء سيبرئها ولن يستطيع أحد مس مجلتكم بسوء؟ ولماذا هذا الهلع والرعب من اللجوء إلى القضاء واتهامي أني استقوي بالسلطات؟
ألم تستقووا بالسلطات حين دعا بعضكم لحل حزب العدالة والتنمية بعد أحداث 16 ماي 2003؟
ألم تحرضوا على سجن وتطهير الأرض من الإسلاميين حينها، ودافعتم في جريدتكم عن المقاربة الأمنية وتوسيع دائرة الاشتباه؟
ألم تشمتوا بكل من جرفته حملة محاربة الإرهاب وإن كانوا مظلومين؟
ألم يدع بعضكم على صفحات الأحداث لاستئصال الحركة الإسلامية، سنة 2004 بعد مقال الصحفي الحسن السرات حول “تسونامي”، وأسستم جمعية تدعو للحقد والكراهية، وجعلتم لها شعار محاربة الحقد والكراهية؟
أنتم المتخصصون في التزوير وقلب الحقائق والكذب الصراح، ألم تحرضوا السلطات ضد كل الإسلاميين، بعد ما سمي بملف خلية بلعيرج، سنة 2008؟
وتناوبت جريدتا الاتحاد الاشتراكي والأحداث المغربية، على نشر المقالات التحريضية لعدد من المرضى الحاقدين، ثم ألم تدعم جريدتكم من استقوى بالسلطات ورفع دعوى قضائية ضد الدكتور المغراوي في مسألة فقهية من اختصاصه كان الأولى أن تحل بنقاش علمي بين العلماء بعيدا عن الرويبضات الجهال؟
ألم تستقووا بالسلطات وتحرضوا منذ زمن على دور القرآن؟
ألا نقرأ على صفحات جريدتكم تحريضا ودعوة للسلطات إلى اعتقال ومطاردة مواطنين من أجل انتماءاتهم. حتى أننا احترنا في الإسلام الذي تريدون، فلم يسلم منكم لا المجاهد المقاوم في فلسطين والعراق.. ولا المحاور المفاوض، ولا المتشدد ولا المتساهل ولا حتى المتميع حد السيلان، لم يسلم منكم لا علماء الدولة ولا علماء الجماهير، ولا العلماء الربانيون.
ألم يصفق الغزيوي بنفسه في هذا العمود مرارا لقرار إغلاق مكتب قناة الجزيرة، وحرض السلطات على ذلك، كما سبق أن حرضها ضد جريدة المساء؟
أي مهنية هذه وأي أخلاق وأي كرامة،
ثم بعد هذا كله يصف لجوئي إلى القضاء بالظلامية وقلة الحياء؟ أي تضليل للقراء هذا وأي قلة حياء، (وجهك صحيح آصاحبي، إلى كنت خرجتي من “سيدي بابا” وادخلتي فهاد الجورنان باش تمعش، فكول طرف دلخبز اوسكت راه ما بينك وبين الصحافة غير الخير والاحسان، بصراحة ما كتعرفش تكتب، أو نقول هالك بلعربية:)
فدع عنك الكتابة لست منها ***** ولو سودت وجهك بالمداد
لكنني متأكد أن الغزيوي يفضل أن يقوم الغيورون على هويتهم بأعمال عنف ضد نيشان ومثيلاتها بدل اللجوء إلى القضاء، حتى يجدها فرصة ليستمر في هجومه على القيم والدين ويزيد من كيله التهم للإسلاميين، باسم محاربة التطرف والدفاع عن التسامح والحق في الاختلاف والقبول بالتنوع الذي غاب بالكلية في مقاله ضدي وحل محله النعت بالظلامية والتخلف والديكتاتورية.
وختاما أوجه نداءا لفتح حوار وطني حول حدود حرية الصحافة، كما أوجه نداء إلى الغيورين في هذه البلاد من أجل تشكيل جبهة ضد المد العلماني والفساد الأخلاقي، وأغتنم الفرصة لأوجه شكري للمتفاعلين مع القضية خاصة على الأنترنت، وأحب أن أخبر “الغزيويين” أن أزيد من 90% من المتدخلين والمشاركين في موقع “هيسبريس” أبدوا تأييدهم ومساندتهم، في مقابل أقل من 10% كانت مداخلاتها سبا وقذفا وشتما على عادة العلمانيين الإستئصاليين في النقاش. ولو كنت فعلا أريد شهرة كما اتهمتني، لكتبت حول الجنس ولصعدت على لحوم النساء وعوراتهن، ولأصبحت لامعا أكثر من شعرك المدهون وذقنك الحليق.
ملحوظة لها علاقة بما سبق
عندما ألتقي ببعض العلمانيين أطرح عليهم هذا السؤال: هل ترضى الزنا لأمك أو أختك؟ فيكون الجواب -كما يتوقع من هذه الفصيلة-: إن رضيت وقبلت ذلك فهي حرة.
لذلك لم أستغرب أن ينصح صحفي جريدة الأحداث، الشباب بالامتثال لأمر الواقع الذي لا يرتفع، وقال أنه يسمى دينيا زنا، واستغرب أن ينصح الشباب بالصبر والصوم، بل استهزأ بذلك، وقال لم لا نفعل مثل ما تفعله طائفة من الهنود، حين تستأصل أعضاءها التناسلية. وجوابي على هذه السخرية من الدين وحديث النبي الكريم، أننا نهينا عن التشبه باليهود والنصارى فضلا عن الهنود الوثنيين، وسأظل شخصيا مسلما معتزا بإسلامي، ولن أخجل إذا جاءتني شابة أو شاب، من تذكيرهما بالحديث “… ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”.