زلزال الحوز والدور الملكي

 

بعد الفاجعة التي أصابت المغرب يوم الجمعة 8 شتنبر 2023، كان للملك محمد السادس دورا مركزيا وحاسما، حيث وجه الدولة بجميع تكويناتها المدنية والعسكرية وشبه العسكرية، لاحتواء أزمة هذا المصاب الجلل.

وفي كواليس التحرك الملكي حسب ما كشفت عنه من مصادر مقربة تقارير حصرية لصحف عالمية، أن الملك محمد السادس سارع بعد علمه بالفاجعة بالأمر بتجهيز طائرته الـ”بوينغ 747″ لتقله من العاصمة الفرنسية باريس نحو الرباط، كما أعلن استنفارا في محيطه من أجل تحديد حجم الأضرار وتسطير برنامج للتدخل السريع والإغاثة.

وعبرت صحيفة “L’Opinion” الفرنسية عن هذه الحالة الوطنية الخالصة بقولها: “لقد تحلى الملك محمد السادس بالهدوء، لكنه أسبغ كل التركيز على وضع نفسه في وضع العمل لخدمة بلاده، سعيا لإبقاء التدخل الخارجي في أدنى مستوياته، وهذا ما يفسر أن عددا من القادة الأجانب لم يستطيعوا التواصل معه”.

كما كشفت مصادر مقربة من المحيط الملكي، أن الملك محمد السادس، وبعدما بلغه نبأ وقوع الزلزال ربط اتصالات مباشرة مع كل من المستشار الملكي فؤاد علي الهمة، وعبد الواحد لفتيت، وزير الداخلية، والجنرال محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، وهي الاتصالات التي همت إصدار تعليمات فورية بالتدخل الفوري للقوات المسلحة الملكية في المناطق التي تضررت بالزلزال خاصة عند البؤرة.

كما ذكرت الصحيفة أن الملك محمدا السادس سأل الجنرال عن إمكانية نشر طائرات الهليكوبتر، وخاصة طائرات “شينوك”.

وأوضحت “لوبنيون” أن الملك محمد السادس أعطى أوامره بتوجيه القمرين الصناعيين المغربيين إلى المناطق الأكثر تضررا من الزلزال، فضلا عن إنشاء وحدة أزمات في وقت وجيز بأروقة وزارة الداخلية؛ إذ استفاد من التجربة المتراكمة منذ زلزال الحسيمة الذي ضرب المنطقة سنة 2004.

كانت هذه تدخلات اللحظات الأولى للكارثة المفجعة ثم كانت جلسات العمل الثلاث 9-14-20 شتنبر، جلسات بحث الوضع الذي أعقب الزلزال المؤلم، وتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من الزلزال، وبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز.

حيث ترأس اﻟﻣﻠك ﻣﺣﻣد اﻟﺳﺎدس، ﻣرﻓوﻗﺎ بوﻟﻲ اﻟﻌﮭد اﻷﻣﯾر ﻣوﻻي اﻟﺣﺳن، الاجتماع الأول 9 ﺷﺗﻧﺑر 2023، وكانت مخرجاته تتركز على الاجراءات الاستباقية والتدخل الاستعجالي بعد وقوع الكارثة، وتعزﯾز اﻟوﺳﺎﺋل وﻓرق اﻟﺑﺣث واﻹﻧﻘﺎذ، وﺗزوﯾد اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﺑﺎﻟﻣﺎء اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻟﻠﺷرب، وﺗوزﯾﻊ ﺣﺻص ﻏذاﺋﯾﺔ وﺧﯾﺎم وأﻏطﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻛوﺑﯾن، وتم الإﺣداث اﻟﻔوري ﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﯾن وزارﯾﺔ ﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑوﺿﻊ ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﻲ ﻹﻋﺎدة ﺗﺄھﯾل وﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺎزل اﻟﻣدﻣرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﻓﻲ أﻗرب اﻵﺟﺎل، وﻓﺗﺢ ﺣﺳﺎب ﺧﺎص ﻟدى اﻟﺧزﯾﻧﺔ وﺑﻧك اﻟﻣﻐرب ﺑﮭدف ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻣﺳﺎھﻣﺎت اﻟﺗطوﻋﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن واﻟﮭﯾﺋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.

وفي 12 شتنبر تبرع الملك محمد السادس بالدم لصالح مصابي الزلزال، وقام بزيارة ميدانية لضحايا الزلزال، حيث حل بالمركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس” بمراكش، وقام بتفقد الحالة الصحية للمصابين، ضحايا الزلزال.

ثم كان اجتماع 14 شتنبر 2023 الذي خصص لتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من الزلزال، وفيه تم الإعلان عن تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا، كما تبرع الملك في نفس اليوم بمليار درهم ما يعادل 100 مليون دولار لصالح صندوق المساعدات.

ثم كانت جلسة عمل 20 شتنبر، والتي وضعت لبنات برنامج، مدروس، مندمج، وطموح يهدف إلى تقديم جواب قوي، منسجم، سريع، وإرادي، بميزانية إجمالية تقدر ب120 مليار درهم، على مدى خمس سنوات، تغطي الصيغة الأولى من البرنامج المندمج ومتعدد القطاعات الذي قدم بين يدي الملك الستة أقاليم والعمالة المتأثرة بالزلزال (مراكش، الحوز، تارودانت، شيشاوة، أزيلال، وورزازات)، مستهدفة ساكنة تبلغ 4,2 مليون نسمة.

وكخلاصة لهذه الخطوات نجد الملك محمدا السادس تجند خدمة لبلده وشعبه، متبادلا مشاعر الحب والتضامن بين جميع أفراد المجتمع المغربي الأصيل، وذلك من أجل التخفيف من تداعيات هذه الكارثةّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *