الاستئصاليون.. والقيم الإسلامية

لم تمر ندوة (تدافع وبناء القيم السياق الدولي والواقع الإسلامي) التي نظمها المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة بالتنسيق مع حركة التوحيد والإصلاح ومجلة البيان، دون أن يسجل التيار العلماني موقفه من الجهات المنظمة للندوة؛ ومرجعية القيم الإسلامية؛ ويشجب تصريحات بعض المتدخلين فيها؛ ويوجه إليهم أحكام قيمة.
ومن ضمن هذه الجهات منبر اشتهر في وسط المجتمع المغربي وغيره؛ بفكره الاستئصالي وعدائه السافر لكل من ارتأى الإصلاح والمشاركة في خدمة وطنه ومجتمعه انطلاقا من مرجعية دين بلده.
ففي عددها رقم 4753 بتاريخ 28/08/2012 تعرضت يومية الأحداث المغربية في مقالين؛ في الصفحة الأولى في عمود (على مسؤوليتي)؛ وفي الصفحة الثالثة في ركن (المغرب السياسي) للندوة الدولية المذكورة؛ ووسمت الجهات المنظمة والمحاضرين فيها بالصفات المشتهرة التي يكررها هذا المنبر كل يوم دون كلل أو ملل!! وحرصت على إعطاء الندوة المذكورة طابع التهريب الديني! والتوظيف الأيديولوجي!
واتكأت في نقدها ذلك؛ على التباكي -كالعادة- على الإسلام المغربي الوسطي المنفتح؛ ونبذ الفكر الوهابي الدخيل المنغلق!
وكأن المتتبعين لهذا المنبر أغبياء لا يعرفون توجههم ولا المرجعية التي تحكمهم وتؤطرهم؛ ولكن ماذا نفعل مع من استمرأ الكذب ومرد على النفاق؟!
فحضور شخصيات وطنية بارزة، ومتخصصين في مجال الإعلام والتربية والفكر والاقتصاد من بلاد عربية شقيقة؛ يعد عند القوم جريمة؛ تستوجب في حق شرطة الأفكار أن تدق لها نواقيس الخطر؛ لتنذر بهذا الاختراق للخصوصية المغربية!
فإخواننا المسلمين أينما وجدوا في الشرق أو الغرب؛ في الشمال أو الجنوب؛ يوحدنا وإياهم الدين واللغة والتاريخ والهوية؛ بل نحن هم وهم نحن؛ والمؤمنون إخوة كما صرح بذلك القرآن الكريم؛ لكن في المقابل نسائل العلمانيين عما يوحدنا مع الغرب الذي يرتمون في أحضانه دون وعي؛ ويصرون أن يدخلوننا معه (جحر الضب)؟
واعتبرت اليومية المذكورة؛ ووافقها الطرح نفسه العلماني أحمد عصيد؛ أن (وصول تلك المشاريع إلى المغرب سيكون عبر تدفق تمويلات السلفيين لمشاريع جمعيات ستكون بمثابة أعشاش جديدة للفكر السلفي الوهابي في المغرب).
إنها أحكام القيمة يوزعونها بالمجان على كل من خالف مشروعهم وتنكب طريقهم المنحرف.
وما دام القوم حريصون على الإسلام الوسطي؛ وأعينهم مفتحة جدا ترصد كل تمويل أو نشاط أجنبي يتهدد الخصوصية المغربية؛ فلماذا لم نسجل لهم موقفا اتجاه الاختراق الثقافي والجمعيات والمنظمات الدولية وغير الحكومية (ONG) التي تنبت كالفطر؛ سواء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أو المرأة، أو مراقبة الانتخابات ونشر الديمقراطية وقيمها وفق النظرة الغربية؟
لماذا لم نسمع لهم صوتا عن المعهد الديمقراطي الأمريكي؛ والذي في سبيل إعداد برنامج لتقوية الأحزاب السياسية في المغرب؛ نظم سنة 2008 ندوة حول «دور اللجن الشبابية داخل الأحزاب السياسية»، حشر لها ممثلي شبيبات أربعة أحزاب، وهي الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، إضافة إلى حضور ممثلين عن حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب العهد والحزب الاشتراكي الموحد. انظر المساء عدد 568.
الجواب عن كل هاته التساؤلات لا يكاد يخفى على لبيب؛ فمعاداة التيارات العلمانية واللبرالية للسلفية بات “موضة”؛ ورمي كل الحركات الإسلامية بالعمالة والتطرف والتمويل الأجنبي دون بينة أو برهان تهمة بائدة عفا عنها الزمن؛ والأقليات العلمانية في البلاد الإسلامية المستقوية بالغرب ومؤسساته أحق بكل هذه التهم وأهل لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *