جديد الكتب
نقدم للقارئ الكريم، في هذا العدد من جريدة السبيل، كتاب “اليهود أنثروبولوجيا”، وهو كتاب للعالم الجغرافي المصري جمال حمدان. إصدار نشر قبل سنوات في مصر والعالم العربي (1967)، واليوم (2021) تعيد “الملتقى” نشره في سياق جديد.
الفكرة المركزية للكتاب هي أن “اليهود الذين يدعون أصالتهم في فلسطين، والذين يرددون إلى اليوم “شعب بلا أرض لأرض بلا شعب”، ليسوا يهودا بما تحمله الكلمة من معنى”.
فهم إما امتداد عرقي لأقوامهم في آسيا أو أوروبا، وذلك ما أثبته جمال حمدان من خلال أبحاث ساقها تكشف أوجه التشابه بين اليهود وسكان المناطق التي هاجروا منها إلى فلسطين.
ومن هؤلاء اليهود صنف “ينتمي إلى إمبراطورية الخزر، ولم يخرج من فلسطين ما قبل الميلاد كما فعل آخرون، بل استوطن قديما وقبل الميلاد منطقة بحر قزوين والبحر الأسود”.
يبين حمدان أن يهودية هذه المنطقة نفسها يهودية متأخرة، إذا لم يؤمن سكانها بالسعودية إلا في القرن 8 م.
مكتبتك في القضية الفلسطينية
كتاب “المسألة اليهودية” للمفكر الجزائري مالك بن نبي، كتاب مغمور كتبه مؤلفه عام 1953، وجعله الجزء الثاني من كتابه “وجهة العالم الإسلامي”. ولم ينشر إلى غاية عام 2010، أي بعد وفاة صاحبه بعقود (40 سنة تقريبا).
سماح الكتاب من رؤية ابن نبي، حيث الرهان على العالم الإسلامي لاستئناف “حضارة الموحدين” من جديد، لإيجاد حل المسألة اليهودية، “الفساد اليهودي” في تصور ابن نبي. العالم الإسلامي وحده قادر على ذلك، لأن مادية الغرب غير قادرة على نفسها فما بالك بإنقاذ العالم.
يحلل ابن نبي طبيعة الوجود اليهودي في أوروبا بفكرة “القابلية للاستعمار”. في نظره، اتجه اليهود بعد الشتات نحو الغرب لأن هذه الوجهة الجغرافية من العالم لم تكن وجهة متحضرة وذات مناعة ضد الاختراق وسيطرة الوافدين. هنالك وجدوا مساحات أكبر لحركتهم وممارسة أنشطتهم، فتحققت لهم السيطرة على مجالات عدة، خاصة الاقتصاد والثقافة.
أما أقسام اليهود في العالم عند مالك بن نبي فهي ستة: اليهودي المتزمت، اليهودي المواطن، اليهودي الحديث، اليهودي المثقف، اليهودي العالمي، اليهودي الذي رمى القناع (راجع كتابه المذكور). وهذا الأخير هو الذي خرج من “الظل” وما فيه من ذل وقذارة ليطالب بدولة في “فلسطين”، بمتلف وسائل التعنيف والإبادة والتطوير العرقي.
فنون: من الشعر المقاوِم
يقول الشاعر أحمد محرم:
*فلسطينُ صبرًا إنّ للفوز مَوْعِدا
فَإِلَّا تفوزي اليومَ فانتظري غدا
*ضمَانٌ على الأقدارِ نصرُ مُجاهدٍ
يرى الموتَ أن يحيا ذليلًا مُعَبَّدا
*إذا السّيفُ لم يُسْعِفْهُ أَسْعَفَ نَفْسَهُ
بِبأسٍ يراه السّيفُ حتمًا مُجرَّدا
*يَلوذُ بِحدَّيْهِ ويمضي إلى الوَغَى
على جانبيهِ من حياةٍ ومن رَدَى
*مَنَعْتِ ذِئابَ السُّوءِ عن غِيلِ حُرَّةٍ
سَمَتْ في الضّواري الغُلْبِ جِذمًا ومَحْتِدا
*لها من ذويها الصّالحين عزائمٌ
تَفُضُّ القُوى فضًّا ولو كُنَّ جلمدا
*إذا صدمت صُمَّ الخُطوبِ تَطَايرتْ
لدى الصّدمةِ الأُولى شَعاعًا مُبدَّدا
(من قصيدة “فلسطين صبرا”)
نافذة على مشروع فكري
أبرز التيارات الصهيونية عند المسيري
يقسم عبد الوهاب المسيري، في كتابه “تاريخ الفكر الصهيوني: جذوره ومساره وأزمته”، التيارات الصهيونية إلى ستة تيارات هي:
- صهيونية أثرياء اليهود الغربيين؛ وهي بتعبير المسيري “صهيونية توطينية بلا إمبريالية”، تتكون من اليهود الغربيين المندمجين، الذي هم “لمنزلة قيادة ليهود العالم بسبب نفوذهم المستمد من ثروتهم وتواجدهم في مواقع مهمة داخل التشكيل الحضاري الغربي”.. كان هذا الصنف من الصهيونية عادة ما يلعب أدوار الوساطة لصالح اليهود في عدد من الدول. (عبد الوهاب المسيري، تاريخ الفكر الصهيوني، دار الشروق، الطبعة الأولى، 2009، ص 260-261)
- الصهيونية التسللية؛ وهي “صهيونية استيطانية بلا إمبريالية”. وهي كباقي “التيارات الصهيونية ذات الجذور الغربية… وفاتها إدراك أن المشروع الصهيوني لا يمكن تنفيذه دون مظلة غربية”. (ص 271)
- الصهيونية الإقليمية؛ “تذهب إلى ضرورة تهجير الفائض البشري اليهودي في أوروبا إلى أي مكان في العالم حلا للمسألة اليهودية”. (ص 292)
- الصهيونية الدبلوماسية الإستعمارية؛ جاءت بعد “وعد بلفور”، عندما “اصبحت الصهيونية جزءا من واعيا بذاته، باعتبارها إفرازا مباشرا للفكر الاستعماري والعنصرية الغربي وجزءا عنصريا من التشكيل الاستعماري”. (ص 366)
- الصهيونية الإحلالية؛ حيث ناقش المساري أبرز تجلياتها الواقعية، وهي “الصهيونية العمالية” التي قال المسيري إن “اشتراكيتها تشكل جوهر استيطانها وإحلاليتها”. (ص 394)
- الصهيونية الإثنية؛ التي “تجعل من اليهود جماعة إثنية مكتفية بذاتها، مرجعية في ذاتها، ذات حقوق مطلقة”. (ص 418)
تتعدد القابليات الثقافية والاجتماعية، إلا أن الصهيونية كإفراز للحداثة الغربية تعبر عن مشروع متأثر بالمسار الغربي العام، تتعفن بتعفن نظامه الاجتماعي، تعيش بروح منه وتزول بنهاية سيطرته. تفصيل التجليات الفكرية والسياسية مهم، شريطة ألا يحول دون الكشف عن الدوافع الحقيقية لتشكل الحركة الصهيونية.