إن الإستضاءة بكلام العلماء والفقهاء لفهم النصوص الشرعية سنة متبعة ماضية عند السلف والخلف. انظر “الروح” (264)
إلا أن الكثير ممن يبحث في ذلك ينقل عن العلماء المذاهب الباطلة بالأفهام القاصرة، مما يدل على قلة الفقه والدراية، حتى يصل الجهل بالإنسان إلا أنه يريد حمل الناس على ذلك والدعوة إليه، وجعله المقياس والميزان للعلم الصحيح والمنهج الفصيح، وعيب هذا مما لا يخف ولا يرتض.
قال ابن القيم رحمه الله: “..ما أكثر ما ينقل الناس المذاهب الباطلة عن العلماء بالأفهام القاصرة” اهـ “المدارج”.
وهذا مما يدل على أن للفهم الصحيح منزلة رفيعة ومكانة عظيمة في باب العلم حتى بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه باب في خصوص ذلك فقال: “باب الفهم في العلم” (1/39).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: “والعلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم” اهـ (الاقتضاء 160).
فمن رزق الفهم الصحيح فقد رزق نعمة جليلة من أعظم نعم الله تعالى على عباده.
قال ابن القيم رحمه الله: “صحة الفهم وحسن القصد من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أعطي عبد عطاء بعد الإسلام أفضل ولا أجل منهما، بل هما ساقا الإسلام وقيامه عليهما، وبهما يأمن العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدهم، وطريق الضالين الذين فسدت فهومهم”. “إعلام الموقعين” (1/87)
فالعلم والفقه ـ إذن- أساسه صحة الأفهام لا مجرد الإكثار من الكلام، كما قال الخطيب البغدادي رحمه الله في “جامعه”: “العلم الفهم والدراية، وليس بالإكثار والتوسع في الرواية” اهـ.
يا سائلي عن نكد الحياة *** ونابذي الأعلام والدعاة
وجاعلي عقولهم أنوارا *** يعدلون الناس والأخيارا
نظرتهم من زمن بعيد *** بالفصص والأناة والتحديد
فلم أر بعد هدوء البال *** غير وبال السادة الجهال
جاؤوا إلى دويرة العلوم *** من غير تحقيق ولا فهوم