الاستغفار طلب المغفرة من الله جل وعلا، وحقيقته طلب محو أثر الذنب والعقوبة.
قال تعالى: ” فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً” (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) أي: اتركوا ما أنتم عليه من الذنوب، واستغفروا الله منها.
“إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا” كثير المغفرة لمن تاب واستغفر، فرغبهم بمغفرة الذنوب، وما يترتب عليها من حصول الثواب، واندفاع العقاب، انظر تيسير الكريم الرحمن.
قال ابن القيم رحمه الله: “وقلت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يوما: سئل بعض أهل العلم ( وهو الأمام بن الجوزي رحمه الله انظر السير21/371): أيما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟ فقال: إذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد أنفع له، وإن كان دنسا فالصابون والماء الحار أنفع له فقال لي رحمه الله: فكيف والثياب لا تزال دنسة” الوابل الصيب 162- صحيحه.
فيشير شيخ الإسلام رحمه الله إلى حاجتنا دوما إلى الاستغفار وأنه لا بد منه كيف لا “وكل شيء له صدأ، وصدأ القلب الغفلة والهوى، وجلاؤه الذكر والتوبة والاستغفار” الوابل الصيب 84-85 – صحيحه.
ومما يدل على ضرورة الاستغفار أن الله تعالى يحب أن يعفو ويغفر، فمن أسمائه الغفار والعفو، والتواب، فلو عصم الخلق فلِمَ كان العفو والمغفرة؟ انظر لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله 58.
وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم خير مثل في ذلك وخير قدوة حيث كان يكثر من الاستغفار الشيء الذي نحن أكثر حاجة إليه لدنو حالنا وضعف إيماننا.
ثم هل أعمالنا التي نقدمها لربنا جل وعلا كاملة تامة؟ الجواب: لا، فإن بها نقصا وخللا –إقلالا واستكثارا- ولذا فإذا أنصف العبد نفسه، وعرف أعماله استحى من الله جل وعلا أن يقابله بعمله ذاك أو يرضاه لربه، فعلم بذلك حاجتنا إلى الاستغفار، ومن تم يعي المرء السر في الاستغفار لله جل وعلا عقب الطاعات والصلوات، انظر طريق الهجرتين 220، ورسالة سر الاستغفار عقب الصلوات للقاسمي رحمه الله.
قال ابن القيم رحمه الله: “وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارا عقب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها، وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه. وأنه لو لا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية..” المدارج 1/195.
مع التنبيه أن الاستغفار حقيقته القول باللسان مع الاقلاع عن الذنب بالجنان والأركان، أما الاستغفار بلا إقلاع فتوبة الكذابين كما أثر عن الفضيل بن عياض.
قال الحسن البصري رحمه الله: “استغفارنا يحتاج إلى استغفار”.
قال القرطبي معلقا: “هذا مقولة في زمانه فكيف في زماننا هذا الذي يُرى فيه الإنسان مكبا على الظلم حريصا عليه لا يقلع…” التذكرة 1/41، قلت: فما القول في مثل زمننا فنسأل الله السلامة والعافية.
قال بعضهم:
أستغفر الله من أستغفر الله *** من لفظة بدرت خالفت معناها
وكيف أرجوا إجابات الدعاء وقد *** سددت بالذنب عند الله مجراها