الحصول على الاستقامة بوجه عام ليس من الأمور الصعبة على من يطلبها ممن وفقه الله، بل من السهل الهين والميسور القريب، فإن المرء إذا عود نفسه أن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته عند كل عمل يعمله موقنًا أن الله تعالى مطلع على جميع أعمال العباد.
ومعتقدًا أنه تعالى يجازي من أطاعه برضوانه وإحسانه، وأنه يحل غضبه على من خالف أمره وعصاه، فإذا عود نفسه على ذلك سهل عليه أن يفعل ما أمره الله به، ويجتنب ما نهاه الله عنه فإذا سولت له نفسه أن يأتي معصية من معاصي الله ردها وزجرها، وذكرها بعزة الله وجلاله وعظمته وكبريائه، وأنه تعالى قادر على الانتقام منه ومن جميع من عصاه، وأنه مطلع عليه لا تخفى عليه من أعماله خافية.
قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة:٧].
وقال صلى الله عليه وسلم: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
فمتى لاحظ الإنسان ذلك وعوَّد نفسه عليه، ووفَّقه الله لا يقدم على منكر، ولا يقصر في معروف، فتصير الاستقامة له عادة، والله ولي التوفيق ومنه الهداية. [الأنوار الساطعات 1/ 515، عبد العزيز سلمان].