مولده وحياته:
ولد أرسطو سنة 385 ق. م في مدينة أسطاغيرا التي سميت أخيـرًا أسـطافرو، وهي مدينة يونانية قديمة على ساحل بحر إيجة، وقد اشتهرت أسرة أرسطو بالطب، وكان أبوه نيقوماخوس طبيب بلاط الملك أمينتاس المقدوني، ومن هنا جاء ارتباط أرسطو الشديد ببلاط مقدونيا، الذي أثر إلى حد كبير في حياته ومصيره فكان مربي الإسكندر، توفي والده وهو صغير، التحق أرسطو وهو في سن الثامنة عشرة بأكاديمية أفلاطون بأثينا، فتفوق على زملائه، وأظهر من الذكاء والفطنة والإطلاع الواسع ما جعله يكسب إعجاب أستاذه أفلاطون؛ فكان يسميه تارة العقل، وتارة القرَّاء.
واستمر أرسطو ملازمًا أفلاطون في أكاديميته عشرين عامًا، قضى بعضها في التعليم والبعض الآخر في التدريس، فلما مات أفلاطون ترك الأكاديمية نهائيًا، وغادر أرسطو أثينا متوجهًا إلى آسيا الصغرى، وبها تزوج، وبعد بضع سـنوات عاد إلى أثينا وأسس مدرسة في أحد ملاعبها الرياضية، وقد اعتاد أرسطو إلقاء دروسـه على تلاميذه وهو ماشيًا يسير على الأقدام بجوار الملعب، فعرفـت مدرسـته الفلسـفية “المدرسة المشائية”، وسُمِّي أتباعه “بالمشائين”، وعرفت فلسفته “بالفلسفة المشائية”.
ولكن بقاؤه في أثينا لم يدم طويلا على حالة مستقرة؛ فقد اتهم أهل أثينا أرسطو بالإلحاد -كما اتهموا سقراط من قبل- مما اضطره إلى مغادرة أثينا بعد أن أوكل أمر المدرسة إلى تلميذه ثاوفرا أسطوس، استقر أرسطو فـي مدينة (خلقيس) أو (خلسيس) في جزيرة أوبا إحدى الجزر اليونانية، وبها تـوفي نتيجـة إصابته بمرض معوي وهو في سن الثالثة والستين وذلك سنة 322 ق.م.
مؤلفات أرسطو
لقد دوَّن أرسطو في مختلف فروع الفلسفة، فله مؤلفات في المنطق، وفيما وراء الطبيعة، وفي الطبيعة، والأخلاق والسياسة والفن والخطابة والشعر، وأشـهر كتبـه فـي المنطق، وقد عرفت باسم: الأورغانون، ومعناه الآلة الفكرية.
منطق أرسطو
ذهب أرسطو إلى أن المنطق قانون للفكر منظِّم لعملياته، وهو ميـزان للبحـث العقلي، وضابط لصحيحه من فاسده، وهو الذي يصلح كرباط أو آلة ارتباط بين عـالمي الحس والعقل، وبه ترتبط كليات هذا الوجود بجزئياته وكلياته، وجزئياته بعضها ببعض.
ويُعتَبر أرسطو أول من نَظَّم المنطق كعلم له موضوع معين يتميز به عن سائر العلوم، فكان أول من بَوَّب أبوابه وفصَّل فصوله، ووضع أجزاءه على النحو الذي نـراه اليوم، ولعمله هذا سُميَّ أرسطو بالمعلم الأول.
أما بالنسبة لفلسفة أرسطو؛ فهي تتميز بمنهجين:
– الأول: منهج نقدي تحليلي
حيث قام أرسطو بإيضاح فلسفة السابقين وتحليلها ونقد مـالا يعجبه منها أو تزييفها، ولم يسلم من النقد أستاذه أفلاطون، وخاصة نظريته في المثل، حيث لم يعترف فيها أفلاطون بعالم المحسوسات.
وإذا كان أفلاطون يرى أنهـا أوهـام وخيالات، فإن أرسطو يرى أن الوجود الخارجي في حقيقته ليس إلا هـذه المحسوسـات، وأن مفاهيم الأشياء المحسوسة ومعانيها الكلية لا وجود لها في الخارج مستقلة عن وجود أفرادها الحسية الجزئية.
ـ الثاني منهج تأسيس بنائي
وضع أرسطو أسسًا لمذهب فلسفي جديد خاص به، وقد جاء هذا المذهب نتيجة محاولات فكرية واطلاع واسع على فلسفة من سبقوه.
بقي لنا أن نتكلم عن فلسفة أرسطو وذلك في العدد القادم إن شاء الله.