منزلة الصلاة في الإسلام

للصلاة في الإسلام منزلة عظيمة، ورتبة عالية، ودرجة رفيعة، كيف لا وهي عمود الإسلام، وركنه الفاصل بين الكفر والإيمان، وهي مَفْزَعٌ وملجاٌ من حزَبه أمر، أو حل به كرب، أو أراد أن يرتاح من هموم الدنيا ونكدها.

ولقد بلغ من شأن الصلاة أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله.
ولم تأت آية واحدة في كتاب الله تعالى تأمر بمجرد أداء الصلاة، وإنما أتت الأوامر الربانية بإقامة هذه الشعيرة العظيمة.
قال الله تبارك وتعالى: {وأقم الصلاة لذكري} طه، وقال جل ذكره: {وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون} الأنعام وغيرها من الآيات .
إنَّ هذا الأمر يدل على عناية الله سبحانه بهذه الصلاة، وعظم قدرها عنده جل وعلا، وأن المسلم لا يطالب بفعل هذه الصلاة كيفما اتفق، وإنما المطلوب من المسلم أن يقيمها حق القيام فيصلي الصلاة الشرعية بروحها، وبشروطها، وأركانها، وواجباتها، وخشوعها، ومستحباتها، حتى يكون لها الأثر في حياته وسلوكه واستقامته على أمر الله عز وجل.
قال الله تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت، فالصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر الصلاة الشرعية التي يجمع فيها المصلي قلبه على الله، وينطرح بين يديه، ويقبل عليه بكليته، وإلا فنحن نرى بعض المصلين يقعون في الفواحش والمنكرات والموبقات أيضا، والسبب -والعلم عند الله- أن الصلاة لا روح فيها ولا خشوع.
لقد بلغت درجة اعتناء الله تعالى بالصلاة أنه فرضها في أعلى مكانٍ وصل إليه بشر، فرضها في السماء بخلاف بقية الفرائض فقد فرضت في الأرض، وفرضت أول ما فرضت خمسين صلاة ثم خففت فأصبحت خمس صلوات في الأداء لا في الثواب، وهي الفيصل بين الإيمان وضده، وميزان يقاس به درجة التدين عند الإنسان، قال بعض السلف: “من أراد أن يعرف قدر الدين في قلبه، فلينظر إلى قدر الصلاة في قلبه”.
وقال الإمام أحمد: ” فكل مستخف بالصلاة، مستهين بها، فهو مستخف بالإسلام مستهين به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف يا عبد الله، واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك، فإن قدر الإسلام في قلبك، كقدر الصلاة في قلبك”.
قال محمد بن نصر المروزي في كتابه الماتع تعظيم قدر الصلاة للمروزي 1/86: “أول فريضة بعد الإخلاص بالعبادة لله: الصلاة، فجعل أول فريضة نصها بالتسمية بعد الإخلاص بالعبادة لله الصلاة، وقال عز وجل: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}، وقال تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين}.
ونظير ذلك جاءت الأخبار عن سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم منها حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ولقد عظّم الله جل وعلا أيضا شأن أوقات الصلاة، كما في قوله تعالى: {إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} النساء؛ وقوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً}.
ولذا: فإن العاجز عن فعل بعض شروط الصلاة وواجباتها كالطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة، والقيام، والركوع: فإنه يصلي في الوقت على أي حال يستطيعه ولو أمكنه فعلها بعد الوقت بتمام الشروط والواجبات. وكذا الأمر في صلاة الخوف والقتال والحرب فإنهم يصلون إيماءً مع إمكانهم أن يصلوها تامةً بعد خروج الوقت؛ كل ذلك محافظة على وقت الصلاة. (انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ، ص 56 58).
هذا في حالة الحرب والقتال والموت المحقق، فكيف بمن يضيعها موثرا النوم والكسل الدَّعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *