ماذا خسر المغرب بإغلاق دور القرآن؟؟ نور الدين درواش

في الوقت الذي تتنادى فيه كل قوى المجتمع المغربي وهيئاته للتعاطي بجد مع موضوع حقوق الإنسان، وتوسيع مجال الحريات العامة، وفي خضم التحولات الكبيرة التي يعرفها العالم بشكل عام والعربي منه على وجه الخصوص، وفي الوقت الذي تتجه فيه كل الحكومات العربية لفض ما فضل من إرث الانتهاكات الحقوقية التي تمس كرامة الفرد والمجتمع، وفي الوقت الذي بزغ فيه فجر إصلاحات جديدة وشاملة تضمنها الخطاب الملكي التاريخي في التاسع من مارس… في هذا الوقت نجد فيه شريحة كبيرة من المجتمع المغربي، وهم القائمون على الجمعيات القرآنية وروادها، ما تزال تعاني من الظلم في حظر جمعياتها والاعتداء على حقوقها وحرياتها في ممارسة نشاطها الذي لا يتنافى مع قانون ولا يعارض عرفا ولا يخالف شريعة!
لقد خسر المغرب بإغلاق دور القرآن المئات من الحفظة لكتاب الله الذين كان مقررا أن يتخرجوا منها خلال هذه المدة ليحملوا بدورهم مشعل التحفيظ والتبليغ، وليعملوا بقوله صلى الله عليه وسلم:”خيركم من تعلم القرآن وعلمه” (رواه البخاري) فمن المستفيد من هذه الخسارة؟؟
لقد خسر المغرب بإغلاق دور القرآن المئات من حفظة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين ربما أنفقت في سبيل إيجادهم دولٌ وحكومات جوائز باهظة ومكافآت عالية، لكن المردود قد لا يداني ما تنتجه دور القرآن من الحفظة، فمن المستفيد من هذه الخسارة؟؟
لقد كانت دور القرآن بشهادة الأجهزة الأمنية، ووسائل الإعلام المختلفة تشكل صمام أمان لحفظ الوطن الحبيب، من فكر الغلو وتيار التكفير. ومنبرا لنشر فكر الوسطية والاعتدال. فمن من المغاربة كان يؤصل لمنهج أهل السنة في الإيمان والتكفير، ويبين حكم فاعل الكبيرة المسلم، وأنه لا يخرج من دائرة الإسلام… فمن كان يفعل هذا مثل السلفيين الذين كان فعلهم هذا تدينا وتقربا إلى الله، لا ينتظرون من ورائه جزاء ولا شكورا، لا كمن يتظاهر بالطاعة والولاء والصدق والإخلاص، والحرص على ثوابت الوطن مادام مستفيدا، لكن لا يلبث إِن منع من العطاء والإكراميات، أن يغير جلدَهُ فَيَتَغَيَّرَ فِكْرُه فهو عبد للدينار تعيس لأنه يرضى ما أعطي، ويسخط بمجرد ما يمنع؟؟ فإسكات السلفيين والحالة هاته خسارة كبيرة للمغرب وأهله وأمنه واستقراره، لا ندري من المستفيد منها؟؟
لقد أسهمت دور القرآن في مختلف المدن المغربية بشكل كبير في إصلاح سلوك الكثير من الشباب، الذين كان يُضرب بهم المثل في الجريمة والانحراف، فمنهم من كان قاطعا للطريق، ومروعا لأحياء بكاملها، ومنهم من كان من كبار موزعي المخدرات على الشباب فيفسدهم ويشغل الأمن ليلا ونهارا، بحثا عنه ومطاردة له، فأتى عليه يوم دخل إلى دار القرآن فهذبته أخلاق القرآن وجملته آداب الإسلام، فصار محبوبا عند العام والخاص من أهل الحي والمدينة، هل يستوي هذا النتاج مع من أنفق ماله وجهده لإفساد الشباب وتخديرهم و”تخميرهم” والزج بهم في براثين التفسخ والانحلال والشذوذ، وحرمان المجتمع من طاقاتهم وهدرها؟؟
إن الحريص على المصالح العليا للمغرب حقا، والمخلص في وطنيته وانتمائه صدقا، لا يمكنه أن يقبل بمغرب تتسع فيها دائرة الحريات أشد الاتساع، حتى تشمل العلماني واليهودي والنصراني، بل تشمل من لا يؤمن بوجود خالق ولا معبود، و بالمقابل تضيق الدائرة نفسُها حتى تصير أضيق من سم الخياط على شريحة مخلصة للوطن وأهله، حريصة على صلاحه ومصالحه، ليس لها من دين إلا الإسلام، ولم تنتهج منهجا غير منهج أهل السنة والجماعة، ألا وهم السلفيون…
فيا لله للعجب!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *