من آثار الإيمان باسم الله “العزيز” الحلقة الثالثة والعشرون ناصر عبد الغفور

إن للإيمان باسم الله “العزيز” آثار عظيمة وثمرات عديدة نذكر منها:
1- إثبات صفة العزة لله تعالى:
فكما مر معنا فإن الله جل وعلا يتصف بكل معاني العزة على الوجه الأكمل والأمثل: عزة القهر والغلبة، عزة القوة وعزة الامتناع، قال تعالى: “فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً”، وقال جل ذكره: “سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ” .
2- اللجوء إلى الله تعالى والركون إليه مع الثقة الكاملة به سبحانه:
فمن ركن إليه فإنما يركن إلى عزيز لا يُغلب وإلى قاهر لا يُقهر وإلى قوي لا يرام ولا ينال، فهو سبحانه الركن الشديد .. فمهما قوي أعداؤنا عدة وعددا فإننا والله لو صدقنا في لجوئنا إلى العزيز سبحانه واعتصمنا به لأعزنا ولنصرنا عليهم. قال تعالى: “وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ” آل عمران:126، وقال جل شأنه: “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” الحج:40.
“فالإيمان بأن الله سبحانه وتعالى من أسمائه العزيز الذي لا يُغلب ولا يُقهر يعطي المسلم شجاعة وثقة كبيرة به، لأن معناه أن ربه لا يمانع ولا يرد أمره وأن ما شاء كان وإن لم يشأه الناس، وما لم يشأ لم يكن وإن شاءوا” .
قال تعالى: “وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ”، يقول السعدي رحمه الله تعالى: “وهذه بشارة عظيمة لمن اتصف بأنه من جند الله بأن كانت أحواله مستقيمة.. بأنه غالب منصور” ، فإذا تحققت جنديتنا للعزيز سبحانه فإننا لا بد أن تكون العاقبة والغلبة لنا.. “وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” الروم.
ولما كان الرسل عليهم السلام جندا لله تعالى صادقون في جنديتهم ولجوئهم إلى الله واعتصامهم به كان لهم النصر والغلبة كما قال تعالى: “كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ”، وإن قصص الأنبياء والرسل تعتبر بحق نماذج خالدة لعزة الله الكاملة..، وهذه ثلاث منها أذكرها لإخواني القراء:
نماذج من عزة الله تعالى:
– إن من أعظم ما تتجلى فيه عزة الله تعالى سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: يُبعث في قوم شرك ووثنية فيقوم داعيا صادعا بما يؤمر فيتعرض له صناديد الكفر بكل أشكال الصد ويمكرون به ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه..، ويكيد له اليهود عليهم لعائن الله أشد الكيد ويمكر به المنافقون كل أنواع المكر..، الكل يحاول جاهدا الوقوف في طريق دعوته عليه الصلاة والسلام..، الكل يحاول إطفاء نور الله تعالى..، لكن العزيز أبى إلا أن تكون كلمته هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى..، أبى إلا أن يتم هذا الأمر ويبلغ ما بلغ الليل والنهار ..، أبى إلا أن ينتشر دينه في الآفاق..، فلا مناص من إنفاذ ذلك وإمضائه وإن تحزبت أحزاب الدنيا “يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” التوبة:32-33.
● من النماذج الدالة على كمال عزة الله جل وعلا قصة كليمه موسى عليه الصلاة والسلام: يخبۤۤر فرعون بأن ملكه سيزول على يد رسول سيبعث في بني إسرائيل، فيأمر بقتل كل ولد يولد لهم..، لكن أين هو من عزة العزيز الذي إذا أراد شيئا أمضاه وأتمه..، يربى موسى عليه السلام في فراش الطاغية فرعون وينمو ويكبر ويخرج من مصر إلى مدين ليعود إلى فرعون رسولا من رب العالمين..، إنها عزة أعظم من أن يعبر عنها لسان أو أن يصفها بنان..
● نموذج آخر تتجلى فيه عزة الله تعالى: إنها قصة يوسف عليه الصلاة والسلام، يُلقۤى في الجب وهو صغير لا حول له ولا قوة ثم يخرج منه ويباع بثمن بخس..، يصير شابا مستويا..، تراوده امرأة العزيز فيأبى ويعتصم بالله ويقول: “رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ..”، فيسجن ظلما ثم يخرج من السجن بعد بضع سنين ليصير ممكنا..، إخوته أرادوا قتله لكن لم يكن لهم سبيل إلى قتله لأن الله تعالى كان يريد منه أمرا لا بد من إمضائه وإتمامه من الإيحاء إليه بالنبوة ومن التمكين له ببلاد مصر والحكم بها “وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ”..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *