الذبح لغير الله مظهر من مظاهر الشرك

لقد نهى الله ورسوله عن الذبح لغير الله، وعدّا ذلك من نواقض الإسلام البينة، ومن مبطلاته الواضحة، فقال عز من قائل: “قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ”) الأنعام(، قال تعالى: “فصَلِّ لرَبِّكَ وانحَر” (الكوثر)، وقال تعالى: “وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ” (الأنعام)، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من ذبح لغير الله فقد أشرك” الحديث، ولا يفيده مَن ذبح لغير الله أن يذكر اسم الله على ذبيحته.
وقد تفشى في هذا العصر الذبح لغير الله وتنوعت أشكاه وألوانه، فعلى المسلم أن يحذر أكله أو تعاطيه، فإنه من المحرمات الخبائث.
فعن عليّ رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: “لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن ووالديه، لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض” (رواه مسلم).
واللعن: البعد عن مظان الرحمة ومواطنها، قال أبو السعادات: أصل اللعن: الطرد والإبعاد من الله، واللعن من الخلق: السب والدعاء.
أسباب الذبح لغير الله
للذبح لغير الله أسباب عديدة، فمن الناس من يذبح نذراً أو تقرباً لبعض المشايخ، أحياء وأمواتاً، ومنهم من يذبح للجن والشياطين، ومنهم من يذبح خوفاً من إصابة العين أو حدوث مكروه ومنهم من يذبح لعتبة الضريح.. وهكذا، وإليك بعض الصور والنماذج من ذلك:
1- الذبح نذراً وتقرباً لبعض المشايخ الأحياء والأموات، فمن الناس من ينذر لقبر أو شيخ إذا رزق مولوداً أو شفي له مريض، أو نجح له ولد أن يذبح ذبيحة، وهكذا.
2- إذا ارتحل الإنسان إلى بيت جديد، أو إذا افتتح مصنعاً أو محلاً تجارياً ذبح لغير الله خشية أن يصيبه مكروه أو عين.
3- الذبح طاعة للشياطين كما يحدث في حلقات “كناوة” و”عيساوة” وغيرها، حيث يطلب الشيطان على لسان البعض أن تذبح شاة بوصف معين، وقد يأمر بشرب بعض دمها المسفوح، ومن أراد التثبت من حقيقة هذا الأمر فما عليه إلا أن يقوم برصد ما يقع في المواسم الشركية والزوايا المشتملة على قبور يعتبر الناس أصحابها صالحين يتقربون إليهم بالنذور، ليقف على فضاعة الجرم المقترف.
قال الإمام الشاطبي المالكي رحمه الله في الموافقات (2/208-210) خلال إجابته على سؤال: “كيف يتأتى قصد الشارع الإخلاص في الأعمال العادية وعدم التشريك فيها؟ (قيل معنى ذلك أن تكون معمولة على مقتضى المشروع، لا يقصد بها عمل جاهلي، ولا اختراع شيطاني، ولا تشبه بغير أهل الملة، كشرب الماء والعسل في صورة شرب الخمر، وأكل ما صنع لتعظيم أعياد اليهود والنصارى، وإن صنعه المسلم، أو ذبح على مضاهاة الجاهلية، وما أشبه ذلك مما هو نوع من تعظيم الشرك، كما روى ابن حبيب عن ابن شهاب أنه ذكر له أن إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي أجرى عيناً، فقال له المهندسون عن ظهور الماء: لو أهرقت عليها دماً كان أحرى أن لا تغيض ولا تهور، فتقتل من يعمل فيها؛ فنحر جزائر (جمع جزور) حين أرسل الماء فجرى مختلطاً بالدم، فأمر فصنع له ولأصحابه منها طعاماً، فأكل وأكلوا، وقسم سائرها بين العمال فيها؛ فقال ابن شهاب: بئس والله ما صنع، ما حل له نحرها ولا الأكل منها، أما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نهى أن يذبح للجن”؛ لأن مثل هذا وإن ذكر اسم الله عليه مضاهاة لما ذبح على النصب، وسائر ما أهل لغير الله به”.
والحمد لله رب العالمين أن سد جميع الذرائع التي قد تؤدي إلى فساد العقائد، فليحذر المسلم أن يشرك مع الله أحدا في عبادته فتحبط أعماله من صلاة وزكاة وصوم..، “وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ” الزمر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *