“جوريس”.. البرلماني الفرنسي المعارض لاحتلال المغرب

وأضاف وزير الخارجية “بيشون” أمام الجمعية الوطنية الفرنسية (انظر العدد:133): “أما فيما يتعلق بالحدود فقد ذكرت في الجمعة السابقة وأضيف اليوم في تصريحي ردا على السيد “جوريس” الذي تحدث عن مخطط غزو واحتلال جميع أنحاء شرق المغرب، أقول لكم أيها السادة: دققوا عن قرب في تعليمات الجنرال “ليوطي” فإنكم لن تجدوا فيها شيئا مما يتحدث عنه السيد “جوريس”، وقد قرأتها لكم في جلسة 19 يونيو الأخيرة، والتي تبين فيها احترام الخطوط العريضة لاتفاقيات 1901م و1902م، والتي نلخص محدداتها في: (تعرف السلطات المخزنية في غرب الجزائر على الحدود التامة للإمبراطورية الشريفة، لأنه أمر واجب ومهم بالنسبة لفرنسا لمنح التأييد للسلطان عند الاقتضاء واللزوم، من أجل المساعدة على توطيد سلطته في النواحي العائدة إليه، وإقامة أسس للأمن تضمن التبادل التجاري بين الحكومتين، وتنظم الاتفاق بينهما عبر بوليس حماية الأسواق والطرق التقليدية، وفتح أخرى جديدة لذات الغرض.
وأخيرا لفرنسا الحق في نشر الأمن فيما يتعلق بها بالجهات التي تتواجد سلطتها فيها في الصحراء وتنظيمها دون الحاجة لطلب الموافقة من المخزن، أو التفاوض معه على العمليات العسكرية التي تراها لازمة للاستتباب الأمن والنظام في كل الناحية المذكورة.
وأضيف: لن نُدخل قط في حساباتنا تحمل التكاليف الناتجة عن طبيعة تلك التهدئة المفروضة في ناحية الحدود من طرف القوات الفرنسية والتي هي من اختصاص البوليس الفرنسي المغربي الذي عليه القيام بحماية التهدئة والأمن من الناحية الحدودية التي يهمنا بدرجة كبيرة عودتها إلى ما كانت عليه من استقامة وصلاح ناتج عن قوّة السلطة الأهلية التي ينبغي أن تكون في انسجام واتفاق معنا.
الجنرال ليوطي” عليه أن يقدم تقريرا هو والمسؤول الشريف المعين، وهو ما فعل في هذه الظروف التي يتحمل فيها مسؤولياته والتي لا يفتأ عن متابعة تطبيق التعليمات التي يتوصل بها، ماذا فعل؟ ما هي النتيجة؟
في ناحية وجدة: المهمة التي كانت طبيعية سهلة بفضل التعليمات التي سيّرت للقياد بعد البعثة التي كلف بها السيد “رونو” بالرباط، والذي قدّم تقريرا من وزيرنا إلى المغرب نشر في آخر نسخة من الكتاب الأصفر.
هناك تعاون ناجح قائم بيننا وبين المسئولين المغاربة؛ تنظيم الأسواق منصوص عليه في البروتوكول مع كل الأنشطة التي استوجبتها الوضعية.
لقد أنشأنا أسواق وجدة وشراع، ونحن بصدد وضع آخر في “بركنت” بحيث يمكنه إظهار الجزء الفرنسي بالسوق المختلط برأس العين.
المسئولون الفرنسيون والمغاربة اتفقوا على تعزيز وتتميم الشبكة المراقبة المرصودة للأمن، لتحصيل الحقوق الجمركية في الحدود، حيث تعمل البعثات المختلطة بدراسة تلك المسائل في عين المكان منذ شهور خلت، ولم يبق إلا إنجاز بعض الأسواق في كل من: عيون سيدي ملوك ودبدو، وفي الشمال قمنا بتنظيم البوليس في كل أنحاء بني يزناسن ووسط وجدة، ولقد نجحنا في سماع أن بني مجليد أخذوا يتعايشون معنا بشكل جيد.
وفي الجنوب هدأنا جميع النواحي المتواجدة بين كلومب بشار وبوذنيب ولم نعد نعاني من أية هجمات انطلاقا من تافيلالت، وأضيف بأننا بعثنا الثقة في الشعب لأننا جلبنا لهم الهدوء والرفاهية، ولم نعد أبدا نحث على مهاجمتهم، ولم يصدر منا تهديد لهم بالرغم من ردنا لبعض الهجمات.
إذا لم تصطدم قواتنا بقيام حركة ضدنا -ولو أن النواحي التي نعيش معها اليوم في وفاق وألفة أقمناها معها بناء على معاملات تجارية- لكان مفروضا علينا القتال لإيقاف غاراتها وهجماتها.
إن ما وقع خاصة لبوذنيب في شهر شتنبر الأخير 1908م وما تتذكرونه من نصر حاسم باهر على يد الكولونيل “ألكس” والذي عرض في الأجزاء المنشورة من الكتاب الأصفر مبينا الهدوء والصبر الذي يتحلى به ضباطنا وجنودنا وهم يترقبون هجمات الأعداء حتى يقتربوا من أبواب مراكزنا في حدود 400 متر، مستخدمين كل قواهم لمحاصرتنا، والانقضاض الجماعي علينا، فيجدون ضباطنا وجنودنا على استعداد لقتالهم والانتصار عليهم وتسجيل صفحات خالدة في تاريخ صراعنا في إفريقيا، السيد “جوريس” يقول في هذا الصدد بأن قواتنا الحدودية ساهمت في إثارة غضب وسط المغرب.
“جوريس”: في وقت زمن الحرب الأهلية.
وزير الخارجية: صحيح أنا متفق معه ومقتنع بأن الهدوء الشامل سيساهم في هدوء الحدود، أيضا نؤكد بأنه ليس لنا أي اهتمام بإثارة الفتن، بالعكس بل ننتظر عمل كل ما يساعد المخزن وصيانته، من أجل تدعيم النتائج المحصلة سابقا، واكتساب أخرى.
يجب اتخاذ مجموعة من التدابير.
يجب تنظيم بوليس كاف للدفاع عن الأسواق والطرق التجارية، وفتح أخرى جديدة.
يجب إيجاد مصادر تمويل مستقلة؛ تلك هي التعليمات التي أعطيتها للجنرال.
السيد “جوريس”: هل يمكن أن تقول لنا كم عدد القوات الفرنسية التي ستكوِّن البوليس؟
وزير الخارجية: أنا جد مرتبك لأقول لك، بأني لا أعرف عدد المناصب المخصصة لذلك.. تقول بأن الجنرال ليوطي أنشأ مركزا في الجنوب على بعد 80 كيلومتر من بوذنيب! هذا غير صحيح.
تقول بأنه احتل عيون سيدي ملوك! هذا غير صحيح.
وتقول بأنه تجاوز ملوية! وهذا غير صحيح.
تقول بأنه توجه إلى قصبة المخزن مع حوالي 1000 جندي، وهو على بعد 150 كيلومتر من فاس! هذا غير صحيح.
السيد “جوريس”: هل أنت متأكد؟
الوزير: بالتأكيد.
“جوريس”: حسنا.
الوزير: مركزنا المتقدم بعيد بـ150 كيلومتر عن قصبة المخزن شرقا، تقولون بأن الجنرال يتوجه نحو دبدو، وهذا خطأ؛ التعليمات الصادرة بشكل قطعي بأن لا يفعل.
تقولون بأنه خطط لتثبيت مواقع ومراكز على أرض تعود للمغرب! هذا غير صحيح.
تقولون بأنه تحدث في تقريره عن إنشاء خط من المراكز المحصنة في الأراضي المغربية! غير صحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *