مراقبة الله تعالى عمل قلبي، وهو من أشرف أعمال القلوب، لأنه من أقوى الأدلة على حياة القلب بالإيمان.
وهذا العمل القلبي هو أثر من آثار الإيمان بأسماء الله وصفاته لأن من أسماء الله الحسنى الرقيب، الشهيد، العليم، الخبير، المحيط، السميع، البصير.
والمؤمن عندما يتأمل هذه الأسماء وآثارها على العباد يجد أنها تدعو إلى ضرورة التفكير، ثم التربية على مراقبة الله تعالى في جميع الأوقات.
إن من عقيدة المسلم إثبات الأسماء التي أثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف لا تمثيل، ومن هذه الأسماء الرقيب العليم.
وهذه الأسماء تدل بوضوح على أن الله رقيب على عباده، عليم بهم، قال تعالى: “إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء”.
وهذا العلم الرباني لا حدود له، بل إنه سبحانه يعلم ما في القلوب “يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ”.
إذا اتفقنا على ذلك فنقول: عندما تكون على يقين بذلك وأن الله عليم بك بصير بحركاتك وسكناتك، فما هو يا ترى الأثر الإيماني الذي ينتج عن ذلك؟!
إن هذا العمل لا بد وأن يثمر أمورا، منها:
1- استغلال الوقت بما ينفع من خير الدين والدنيا، لأنك موقن بنظر الله لك، فكيف تضيع وقتك فيما لا نفع فيه، ولو فكرنا قليلاً في هذا الأمر لتبين لنا سبباً من أسباب علو الهمة ألا وهو: مراقبة الله تعالى، فالمؤمن كلما علم بذلك وأيقن برؤية الله له فإنه لابد أن يجاهد نفسه على عمارة الوقت بالأعمال الصالحة.
2- المؤمن إذا أيقن بعلم الله به، فالواجب أن يطهر قلبه من الحقد والحسد والغش والغل والتعلق بغير الله تعالى، إذ كيف يحمل هذه الأمراض في قلبه من هو على يقين بأن الله مطلع على ما في قلبه “وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً”.
3- ومن فوائد المراقبة: الإقبال على الطاعات ومجاهدة النفس عليها، لأن الله يراك فلا بد من تحمّل أعباء العمل ومجاهدة النفس على الاستمرار على العمل.
4- ومن الفوائد: البعد عن الذنوب والملهيات، لأنك على يقين بأن الله يراك “وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”.