اتباع منهج الصحابة والتمسك بغرزهم واجب بدلالة الكتاب والسنة والإجماع

توقير الصحابة من توقير النبي صلى الله عليه وسلم، واتهامهم اتهام لمقام النبوة نفسه، وذلك يؤدي إلى الشك في الدين كله، لأنهم هم نقلة الكتاب والسنة، وما عرفنا ديننا إلا من طريقهم، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من يسب أصحابه، لأن من سبهم فقد آذاه صلى الله عليه وسلم، ذلك أنهم تلاميذته الذين اختارهم على مدى ثلاثة وعشرين عاما، يربيهم على الوفاء لرسالته العالمية، والعجب أن يتصدّر بعض من ينسبون إلى الإسلام بالتنقص من هؤلاء الأخيار ولمزهم والطعن فيهم، ووصف من اتبع سبيلهم بالماضويين والحشويين والرجعيين والقرسطويين.
ان اتباع سبيل أهل السنة والجماعة واجب بدلالة الكتاب والسنة وإجماع العلماء المعتبرين خلفاً عن سلف، وكل من يخالف ذلك عقيدة أو منهاجاً فهو آثم خارج عن الفئة المنصورة إلى يوم الدين.
قال تعالى: “وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً” (النساء).
فهذه الآية الكريمة تبين بياناً واضحاً لا يحتمل أدنى تأويل وجوب اتباع سبيل المؤمنين، وقد قرن الله سبحانه بين مشاققة الرسول، وبين اتباع غير سبيل المؤمنين، فكل من يتبع غير سبيل المؤمنين يكون مشاقّاً للرسول الكريم، وقد توعد الله سبحانه كل من خالف سبيل المؤمنين بجهنم وساءت مصيراً أعاذنا الله منها، والمقصود بسبيل المؤمنين الذي يجب على كل مسلم أن يتبعه، هو سبيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قال تعالى: “وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (التوبة).
فهذه الآية الكريمة إخبار من الله سبحانه يتضمن المدح الدال على الوجوب، فقد امتدح الله سبحانه طائفتين من الناس، الطائفة الأولى: وهم المهاجرون والأنصار، وقد جاء السياق في مدحهم مطلقاً، والطائفة الثانية: وهم الذين اتبعوهم بإحسان، وقد جاء المدح مقيداً بقيدين اثنين، أولهما: الاتباع، ثانيهما: وصف الاتباع وهو الإحسان، وهذا دليل واضح على أن المقصود بسبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
ومما يدلنا أيضاً على وجوب اتباع سبيل الصحابة قوله تعالى: “فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (البقرة).
وهذه الآية تضمنت شرطاً ترتبت عليه حقيقة، أي إن كان إيمان الناس مثل إيمان الصحابة رضي الله تعالى عنهم فقد اهتدوا، وهذا مفهوم موافقة للفظ المتضمن مفهوم مخالفة للمعنى، أي إن لم يؤمنوا بمثل ما آمنتم به، فقد ضلوا، فعلق المولى سبحانه وتعالى الهداية على متابعة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقد اتفقت هذه الآية بالمعنى مع الآية السابقة: “وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً” (النساء).
فانظر يرحمك الله تعالى إلى تطابق اللفظين في كلتا الآيتين، “يشاقق، الهدى” فالآية الأولى بينت أن من يخالف إيمانه إيمان الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو في شقاق، أي في منازعة للحق، وكذلك الآية الثانية تبين أن من يتبع غير سبيل المؤمنين فإنما هو في شقاق، ولا ريب أن مشاققة الحق خروج عن الهدى فتأمل ذلك.
وعلى ما سبق، تعلم أخي القارئ أن اتباع سبيل المؤمنين، الذي هو اتباع الصحابة رضي الله تعالى عنهم واجب، ويعتبر كل من خالفه مخالفاً للحق مشاقّاً له.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *