“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” من آثار أسماء الله الحكيم الحكم الحاكم الحلقة الثالثة والثلاثون ناصر عبد الغفور

3- تنزيه الله تعالى عن الظلم:
فمن آمن حق الإيمان باسم الله الحكيم سينزه ربه عن كل أشكال الجور والحيف، ويعلم يقينا أن الله تعالى إذا كتب الشقاوة والضلال على بعض خلقه فليس ذلك ظلما منه ولكنه عين العدل ومقتضى الحكمة، كما قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى في عقيدته: “يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا، ويضل من يشاء ويخذل أو يشقي عدلا”.
فمن معاني الحكمة كما مر معنا وضع الشيء في موضعه المناسب، ولا أحكم من الله ولا أعلم بمواضع الأشياء المناسبة لها منه سبحانه، فمن خُذل أو ضل فلأنه استحق ذلك فكان الموضع المناسب لهذا الخذلان والضلال عياذا بالله. قال تعالى: “فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ” (الصف 5)، وقال جل وعلا: “وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ” (الأنعام 110)، وقال جل جلاله: “وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى” (الليل 8-10)..
وفي هذا رد على المعتزلة الذين يقولون بـ”العدل” ، وما أحسن الاسم ولكن ما أسوأ وأقبح المسمى:
فإن العدل يقصدون به “وجوب الاعتقاد بأنه يجب على الله عز وجل فعل الأصلح فالأصلح للعباد، بحيث لو لم يفعل ذلك يكون ظالما” .
فعند المعتزلة أن الله تعالى إذا أضل عبدا فذلك ظلم منه، تعالى الله علوا كبيرا عما يقوله الظالمون، فقد قالت المعتزلة: “الهدى من الله: بيان الطريق الصواب، والإضلال: تسمية العبد ضالا، وحكمه تعالى على العبد بالضلال عند خلق العبد الضلال في نفسه، وهذا مبني على أصلهم الفاسد أن أفعال العباد مخلوقة لهم” .
وكلامهم هذا عين الضلال، فقولهم: “الهدى من الله: بيان الصواب”، هذا إنما هو في ما يسمى بالهداية العامة التي هي بمعنى الإرشاد والبيان، وهذه ليست خاصة بالله بل أثبتها سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم: “وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”، وأثبتها لكتابه: “إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ”، أما الهداية الخاصة به سبحانه فإنها التوفيق وعدم الخذلان، توفيق القلب وجعله يقبل الحق ويهتدي به، قال تعالى: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ” .
يتبع إن شاء الله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *