الحكمة في معالجة الخطأ حتى لا يؤدي إلى خطأ أكبر منه أو يعالج الخطأ بخطأ آخر

قال تعالى: {ادْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل:125. 

وقال الحافظ ابن رجب: “وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله، إذا تأدب في الخطاب، وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه” [الفرق بين النصيحة والتعيير ص12].
فإن من قواعد الشريعة تحمل أدنى المفسدتين لدرء أعلاهما، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات وأكبر الأصنام ولا يغيرها، وسكت عن المنافقين ولم يقتلهم مع ثبوت كفرهم، وصبر على أذاهم لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
قال ابن القيم رحمه الله: “إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله…”.
إلى أن قال: “فإذا رأيت أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة، إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله كرمي النشاب وسباق الخيل ونحو ذلك…”.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه ونور ضريحه- يقول: “مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي فأنكرت عليه، وقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم” [إعلام الموقعين 3/15-16].
ومن هنا يظهر لك خطأ من يتصدى لإنكار المنكر وتصحيح الأخطاء دون مراعاة هذا الفقه، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.
[انظر كتاب: فقه التعامل مع الأخطاء على ضوء منهج السلف؛ د. عبد الرحمن بن أحمد علوش المدخلي].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *