“إن تنصروا الله ينصرككم” بكافين في بطاقتنا الوطنية! الدكتور محمد وراضي

لا أحد يلاحظ! ولا أحد يعترض! ولا أحد يحتج ويستنكر! فالشعب المغربي كله -وفي مقدمته علماؤه- في “دار غفلون”!!! إنه وجه آخر من وجوه مسخ هويتنا الدينية في واضحة النهار! 

فقبل الإلغاء الرسمي للتحفظ على مضامين البندين: التاسع والسادس عشر من اتفاقية “سيداو”. أضافت الجهة المسؤولة عن طبع بطاقات التعريف الوطنية الحديثة العهد بالظهور كافا ثانية إلى الآية القرآنية المكتوبة في أسفل التاج الذي يتقابل أعلاه أسدان. وهي قوله سبحانه: “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ”؛ وكأننا مصابون منذ القدم بمرض الزيادة في الدين أو النقص فيه! إلى الحد الذي نركب فيه متن الادعاء بأن الأمر يتعلق بأخطاء لا مقصودة! كما تم وصف قبول الحكومة الحالية لمحتوى البندين المذكورين قبله بمجرد “زوبعة في فنجان”! والفنجان هنا هو صميم الأسرة المغربية المسلمة! مع ما ينطوي عليه القبول ذاك من ضرب للدين بعرض الحائط!
فإن رقص الطرقيون بحجة ذكر الله عز وجل على هيأة الاجتماع بأصوات منكرة! فلادعائهم بأنهم على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم سالكون! والحال أن رسولنا لم يكن له علم بما به يشتغلون! إنهم بصريح العبارة يكذبون عليه!
فكيف تقبل، وكيف ترعى حكومتنا في الوقت الحالي -وعلى رأسها منتم إلى حزب زعيمه الأول والأخير سلفي من قمة رأسه إلى أخمص قدميه -كيف ترعى تطبيق اتفاقية تضرب فحوى ما تبقى من مدونة الأسرة في الصميم؟
فهل يرضيها -وهي راحلة- ويرضي من يقودها -هو راحل- أن يتوج مجال تسييرها للشأن العام بفضيحة نسجت خيوطها في الظلام، إلى أن تم إعلانها داخل أروقة الأمم المتحدة؟ وإلا لبقيت من الأسرار التي تزري بحكومة رجعية يبدو أن الحكومات المتقدمة عليها منذ عام 1979م أكثر تقدمية منها وأكثر احتراما للثوابت المغربية الدينية!
فقد فتحت المجال أمام التنصل من أية التزامات تخص الآباء والأمهات والأبناء؟ فلا صداق! ولا عدة الطلاق! من باب المساواة المطلقة في التمتع بالحرية الكاملة بين الزوجين! إلى حد أن من حق المرأة أن تجامع من ترغب في مجامعته ولو على سرير الزوجية! بحيث إن زوجها يشاركها في نفس حرية التصرف الجنسي دون ما رادع أخلاقي أو ديني، أو حتى قانوني! وقد يصل التمتع بالحرية التامة في مجال الأحوال الشخصية إلى أقصى مدى يمكن تصوره! فيصبح من حق الزوج أن يطلق زوجته متى شاء! كما أنها من حقها أن تقابل تصرفه بتصرف مماثل تعميقا للمساواة بينهما!
مما يعني أن الأمر لم يعد يتعلق بإضافة جديد للدين لم تكن له به أدنى صلة! وإنما يتعلق هذه المرة باتخاذ قرارات تهدم ما تبقى من أحكام الشرع التي يجري تطبيقها؟ تهدها من خلف ظهور الأمة، وبعيدا حتى عن استشارة المجلسين المنتخبين المشرعين المقررين!
إن حمل بطاقتنا الوطنية للآية السابعة من سورة “محمد” مؤشر قوي على وجوب تنبيه كل مواطن إلى الإخلاص لدينه، وممارسته والدفاع عنه بمقتضى الغيرة عليه. تأكيدا منه على الفصل الذي يعلن فيه دستور الأمة بأن المغرب دولة إسلامية!
وهذه الغيرة إنما تكون بالعمل على تجنب أي إساءة إليه كالتلحين في أسماء الله الذي يجري به العمل ليل نهار! ونحن نحول لفظ الجلالة “الله الله” إلى “اللآ اللآ” أو إلى “أه أه” مدعين بأننا عباد مخلصون! بينما يتضح من مجرد اللفظ الذي نتمادى في تكراره متمايلين شطاحين، كيف أننا نجهل اللغة العربية التي تخبر بأن الجملة المفيدة كلام مركب! وأن لفظا واحدا لا يشكل جملة مفيدة على الإطلاق! ولنسأل إن شئنا أي طفل في الثالثة من التعليم الابتدائي!!!
كما أن حماية الدين -فضلا عن رفض تلحين أسمائه تعالى- لن تكون بالتهاون في القبول بإضافة حرف أو بحذفه في كلمة قرآنية. فـ”ينصركم” في الآية التي تحملها بطاقة هويتنا الشخصية، ليس هو -على أية حال- “ينصرككم” بكافين! وإسقاط أحكام الشريعة استجابة لاتفاقية دولية من وضع أجانب غرباء الوجه واليد واللسان عنا! سوف يغلق الباب أمام تبجحنا مستقبلا بكوننا “مالكيين” و”أشعريين” و”جنيديين” بل وحتى بكوننا مسلمين!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *