جديد الكتب
جديد الكتب، هذا العدد، هو كتاب “التنمية والعوامل غير الاقتصادية”، لعالم الاقتصاد السياسي عزيز بلال؛ وهو كتاب قديم الإصدار بالفرنسية، يترجم أول للغة العربية.
الكتاب من منشورات “مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال”، ترجمة: نور الدين سعودي، الطبعة الأولى، 2020.
بقدر ما يخوض هذا الكتاب في تفاصيل الواقع الاقتصادي والسياسي من ناحية موضوعية ملموسة، بقدر ما ينبه إلى أهمية العوامل غير الاقتصادية، الإيديولوجية والسياسية والثقافية في تحقيق الاستقلال والتنمية الاقتصاديين.
يعبر الكتاب عن وجهة نظر معرفية غير وجهة نظر أخرى اقتصادوية، وهو ما ضمّنه المؤلف الفصل الأخير من كتابه، والذي جاء بعنوان “العوامل الإيديولوجية-الثقافية واستراتيجية التنمية”.
فيما انصب اهتمام عزيز بلال في بقية الفصول على “التحليل الملموس للواقع الملموس”، لعدد من القضايا المرتبطة بإشكاليات “الاستعمار” و”التبعية” و”الرأسمال المحلي” و”الرأسمال الدولي” و”الاستقلال الاقتصادي والتكنولوجي”… الخ.
الكتاب فريد في بابه، وهو أحد الكتب المعدودة على رؤوس الأصابع في الوطن العربي، في علم الاقتصاد السياسي.
مكتبتك في تاريخ المغرب
“ذاكرة ملك”؛ حوارات أجراه الصحفي إيريك لوران مع الملك الحسن الثاني. تتجلى أهمية الكتاب في أهمية المعطيات التي يقدمها بخصوص مرحلة مهمة من التاريخ السياسي للمغرب.
جاءت الحوارات في 19 فصلا، تناولت عددا من القضايا التي تهم فترة حكم الحسن الثاني، ولعل من أبرزها:
– والدي وأنا والاستقلال.
– البدايات والدستور.
– نحن والجار الشقيق.
– ابن بركة.. القصة الكاملة.
– المغرب.. وفرنسا.
– القذافي والبوليساريو، إلخ.
السياسة تراكم، ومن هنا أهمية التاريخ السياسي، خاصة إذا كان الذي يرويه ممارسا للسياسة ومسؤولا عن مصالح دولة.
فنون:
مع كل رمضان، وهو شهر صيام وقيام وعمل صالح، يتجدد النقاش المتعلق بجودة البرامج الرمضانية؛ وبإلقاء نظرة عامة على منتوجات هذه السنة، يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
– ضعف المردود الفني، لا من حيث المضمون فحسب، بل من حيث الشكل أيضا. وهو يتجلى في ضعف التشخيص في إنتاجات عديدة، ناهيك عن قصور تأدية مختلف أجناس التشخيص، من قبيل الدراما أو الكوميديا أو التراجيديا إلخ.
– أما من حيث المواضيع التي يتم تناولها في هذه الإنتاجات، فهي تتراوح بين التفاهة والمبالغة في الهزل من جهة، وبين نوع من الفوضى الثقافية والتاريخية من جهة ثانية، كذا الاغتراب عن قضايا المجتمع المغربي الحقيقة من جهة ثالثة.
هذا، ويحدث كل هذا في سياق ارتفاع الأسعار، وتحذيرات رسمية من “بنيوية التضخم”، ناهيك عن الواقع القيمي والأخلاقي والثقافي لمجتمعنا. فأي واقع تعكسه الإنتاجات الرمضانية؟ أهو واقع المغاربة أم واقع غريب عنهم لا يعبر عن آلامهم وآمالهم؟
نافذة على مشروع فكري
عبد الوهاب المسيري (تتمة)
كنا قد تطرقنا في أعداد السابقة، من جريدة “السبيل”، إلى بعض مضامين المشروع الفكري للدكتور عبد الوهاب المسيري، من خلال كتبه “الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان”، و”نهاية إسرائيل”، و”العلمانية الجزئية العلمانية الشاملة”.
في هذا العدد، وبعد حلقات من الخوض في مشروع العلامة محمد عبد الله دراز (لم ننته منه بعد)، نعود للمسيري، في كتاب من أهم كتبه، هو كتاب “الجماعات الوظيفية اليهودية: نموذج تفسيري جديد”، وهو “يضم كل ما كتبه المسيري عن مفهوم “الجماعة الوظيفية”، كنموذج تحليلي مجرد، كما يضم الدراسات التي استخدم فيها هذا النموذج لتفسير بعض الظواهر والوقائع التاريخية”. (عبد الوهاب المسيري، الجماعات الوظيفية اليهودية، دار الشروق، الطبعة الثانية، 2002، ص 7).
للجماعات الوظيفية، عموما، عدة سمات، يجملها عبد الوهاب المسيري في الآتي:
– “التعاقدية” بما تتضمنه من قيم “النفعية” و”الحياد” و”الترشيد” و”الحوسلة”؛ فالجماعة الوظيفية قابلة للتوظيف وبيع خبرتها والاستخدام كوسيلة من قبل المجتمع المضيف، أعضاؤها مجرد وظيفة لا “بشرا متعينا، موضعا للحب والكره”.
– “العزلة والغربية والعجز والالتصاق بالنخبة الحاكمة”؛ يعزلها المجتمع المضيف فيحس أعضاؤها بالغربة، ما يؤدي بهم إلى اللجوء إلى النخبة الحاكمة التي جلبتهم، وجردتهم من وسائل النمو وامتلاك القوة، اقتصادية كانت أو جماهيرية.
– “الانفصال عن التاريخ والوطن والإحساس بالهوية”؛ يركز أعضاء الجماعية الوظيفية عواطفهم على وطنهم الأصلي المفقود، فلا وطن ولا تاريخ ولا هوية لهم في وطنهم الفعلي، إلا بما يربطهم بوطنهم الأصلي المتخيل.
– “ازدواجية المعايير والنسبية الأخلاقية”؛ لا يلتزمون بأخلاق أمام المجتمع المضيف، ولا قيمة أخلاقية لهم في هذا المجتمع. إنه حياد متبادل ينتج “النسبية الأخلاقية”، فتكون لهم في الجماعة الوظيفية أخلاق، يتحللون منها إذا تعلق الأمر بعلاقتهم بالمجتمع المضيف.
– “الحركية”؛ لا وطن لهم ولا أخلاق، ولا إحساس بالأمن أو الانتماء. فيضطرون لكثرة التنقل والحركة فرارا أو رعبا أو بحثا عن المنفعة، الارتزاق. ولذلك لا يستثمرون في المشاريع بعبدة المدى، زراعية أو صناعية، بل في المشاريع التجارية والمالية (الرأسمال المالي)، وهذه لا تطلب استقرارا كما الأولى.
– “التأرجح بين التمركز حول الذات والحرية المطلقة والتمركز حول الموضوع والمصير المحتوم (الحلولية الكومنية)”؛ فبقدر إيمان عضو الجماعة الوظيفية بمعتقد جماعته، إلا أنه منفعي دينه اللذة في علاقته بالمجتمع المضيف. وهذا يعزله ولا يعترف له بانتماء، وينظر إليه كوظيفة فقط. (المسيري، نفس المرجع، من ص 40 إلى ص 51).