شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

نص:             
ولا تقف فيها إذا وصلــــــــــتها     بالسورة الأولى التي ختمتها
الشرح:
هذا البيت يخص به الناظم الذين يبسملون بين السورتين وهو مذهب قالون ورواية عبد الصمد والأصبهاني عن ورش في قراءة نافع.
قوله: (ولا تقف فيها) أي لا تقف أيها القارئ في البسملة بمعنى عليها؛ ففي هنا بمعنى على. وعليه شواهد من القرآن كقوله تعالى: (أأمنتم من في السماء) بمعنى من على السماء وقوله تعالى: (ولأصلبنكم في جذوع النخل) بمعنى على جذوع النخل وهي لغة عربية.
قوله: (إذا وصلتها بالسورة الأولى التي ختمتها) أي إذا وصلت البسملة بالسورة التي ختمتها بمعنى انتهيت منها وفرغت من قراءتها سواء ختمت السورة أو لم تختمها.
كأن تتم مثلا البقرة وتدخل في أول آل عمران أو تنتقل من أثناء البقرة إلى أول آل عمران؛ فالمراد بالختم هنا هو ختم القراءة لا ختم المقروء.
وللانتقال من سورة إلى سورة مع البسملة وجوه:
الأول: ختم السورة الأولى إلى آخرها وبدء السورة التالية من أولها وتشرع البسملة لأن البسملة لأوائل السور.
الثاني: عدم ختم السورة الأولى إلى آخرها وبدء السورة التالية من أولها وتشرع البسملة أيضا لأن البسملة لأوائل السور.
الثالث: ختم السورة الأولى إلى آخرها وبدء السورة التالية من أثنائها، فيه خلاف مبني على البسملة في الأجزاء وقد مضى التفصيل فيه.
وقول الناظم:
ولا تقف فيها إذا وصلــــــــــتها     بالسورة الأولى التي ختمتها
تكلم فيه عن الوجه الممنوع وهو المعبر عنه في علم القراءة والتجويد بصل وقف.
ومعناه وصل البسملة بالسورة المنتهية والوقف عليها ثم الابتداء بالسورة الأخرى.
قال الإمام الداني رحمه الله: والقطع[1] عليها إذا وُصلت بأواخر السور غير جائز.التيسير ص:18.
وقال الإمام الداني في جامع البيان: وغير جائز عند أهل الأداء السكوت والقطع على التسمية إذا وصلت بآخر السورة؛ لأنها إنما رسمت في أوائل السور إعلاما بابتدائهن وانقضاء ما قبلهن ولم ترسم في أواخرهن؛ فإن لم توصل بأواخر السور جاز القطع والسكت عليها وكان تماما.اهـ. جامع البيان ص 120 الطبعة الحجرية.
وإلى هذا أشار الشاطبي رحمه الله في حرز الأماني ص:26 بقوله: (ومهما تصلها مع أواخر سورة    فلا تقفن الدهر فيها فتثقلا)
وبقيت هناك أوجه ثلاثة جائزة على وجه التخيير بلا خلاف بين أهل الأداء[2] مفهومة من كلام الناظم رحمه الله وهي:
الأول: (صل وصل) أي وصل الجميع ومعناه: وصل آخر السورة بالبسملة ووصل البسملة بأول السورة الأخرى.
والثاني: (قف وقف) أي الوقف في الجميع ومعناه: الوقف على آخر السورة والوقف على البسملة ثم الابتداء بأول السورة الأخرى.
والثالث: (قف وصل) ومعناه: الوقف على آخر السورة ووصل البسملة بأول السورة الأخرى؛ وهذا الوجه هو المشهور لأن البسملة من أوائل السور. وهو اختيار الداني رحمه الله.
قال في جامع البيان: واختياري أيضا في مذهب من فصل أن يقف القارئ على آخر السورة ويقطع على ذلك ثم يبتدئ بالتسمية موصولة بأول السورة الأخرى.اهـ. جامع البيان ص 120 الطبعة الحجرية.
وسبب وصل البسملة بأول السورة قيل على إرادة التبرك بذكر الله وصفاته في أول الكلام؛ قاله مكي القيسي.الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها  وحججها 1/22.
تنبيه:
قال بعضهم إن هذا البيت ليس لابن بري وإنما هو لابن البقال[3] أدرجه هنا.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.

[1]  قال ابن الجزري المراد بالقطع المذكورة هو الوقف كما نص عليه الشاطبي وغيره من الأئمة
قال الداني في جامعه واختياري في مذهب من فصل أن يقف القارئ على آخر السورة ويقطع على ذلك ثم يبتدئ بالتسمية موصولة بأول السورة الأخرى.
وذلك أوضح وإنما نبهت عليه لأن الجعبري رحمه الله ظن أن السكت المعروف فقال في قول الشاطبي “فلا تقفن” ولو قال فلا تسكتن لكان أسد. وذلك وهم لم يتقدمه أحد إليه وكأنه أخذه من كلام السخاوي حيث قال فإذا لم يصلها بآخر سورة جاز أن يسكت عليها، فلم يتأمله، ولو تأمله لعلم أن مراده بالسكت الوقف فإنه قال في أول الكلام: أختار الأئمة لمن يفصل بالتسمية أن يقف القارئ على أواخر السور ثم يبتدئ بالتسمية.النشر 1/308

[2]  إلا ما يروى عن مكي القيسي.
قال ابن الجزري رحمه الله يرد عليه:
إذا فصل بالبسملة بين السورتين أمكن أربعة أوجه:
الأول أولاها قطعها عن الماضية ووصلها بالآتية.
والثاني وصلها بالماضية وبالآتية
والثالث قطعها عن الماضية وعن الآتية وهو مما لا نعلم خلافاً بين أهل الأداء في جوازه إلا ما انفرد به مكي فإنه نص في التبصرة على جواز الوجهين الأولين ومنع الرابع وسكت عن هذا الثالث فلم يذكر فيه شيئاً. وقال في الكشف ما نصه: إنه أتى بالبسملة على إرادة التبرك بذكر الله وصفاته في أول الكلام وإثباتها للافتتاح في المصحف فهي للابتداء بالسورة فلا يوقف على التسمية دون أن يوصل بأول السورة انتهى. وهو صريح في اقتضاء منع الوجهين الثالث والرابع. وهذا من أفراده كما سنوضحه في باب التكبير آخر الكتاب إن شاء الله تعالى. والرابع وصلها بالماضية وقطعها عن الآتية وهو ممنوع لأن البسملة لأوائل السور لا لأواخرها قال صاحب التيسير والقطع عليها إذاً وصلت بأواخر السور غير جائز.النشر 1/307

[3]  ابن البقال :هو أبو عبد الله محمد بن علي الأنصاري الفاسي الكاتب الأرفع  المتوفى سنة 778 هـ درة الحجال لابن القاضي في أسماء الرجال2/274

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *