حركة (يقظة مواطنة) بكسر الطاء، تتكون من مركب وصفي، فهي يقظة تتصف بالوطنية، أي تعبر عن يقظة المواطنين، بمعنى أنها تتحدث باسم المواطنين المغاربة، لكن يبدو أنها تتكلم باسم مواطنين غير مغاربة أو بعضا منهم وهم أقليلة بلا شك.
وخير دليل على ذلك أن هذه (الحركة) -وهذا اللفظ صار مشبوها بعدما ظهر من قبل وحمل على عاتقه ما لا يخفى على ذي بال- قد قامت بإصدار بيان تستنكر فيه باسم المواطنين ما فعله مواطنون، ومن باب اليقظة التي ينبغي أن يكون عليها المواطنون قام سكان مدينة عين اللوح وغيرها بالتنديد بانتشار الدعارة، ورغبة في المحافظة على الشرف والكرامة، ولا مجال للمساس بالعرض وتلويثه باسم الحرية.
وطالب سكان جرف الملحة بإغلاق الحانات حفاظا على سلامة أبنائهم وأنفسهم من الإدمان وعواقبه، فإذا بأصحاب (الحركة) التي ليس فيها أدنى بركة، تستنكر عمل المواطنين بحق، وترفض أن يمارسوا الوصاية الأخلاقية، يا سلام! ناس طالبوا فقط بحقهم في الكرامة والعزة، فإذا بهم يقمعون من طرف (الفاعلين الجمعويين الحقوقيين الحداثيين)!
كيف يقول هؤلاء أنهم (حركة يقظة مواطنة)؛ فلما تيقظ مواطنون للدفاع عن الكرامة والعرض يثورون في وجوههم ويمارسون الوصاية التي يمنعون غيرهم عنها، أي تصنيف يستحقه هذا الفعل؟ وأي عقل يستوعب هذه الممارسة؟ وأية أبعاد ينتهي إليها هذا السلوك؟ هل تقتصر اليقظة على هؤلاء الشرذمة ومن يريدون؟ أم اليقظة ملكية خاصة لهم؟ أم أن اليقظة تحتاج منهم لإذن؟!!! أم ماذا يريد هؤلاء؟
إذا تأملنا بعض الأفراد المنضوين في هذه الحركة -نعف القلم عن كتابة أسمائهم- يزول العجب، ويتضح أن الأمر لا يعدو أن يكون تغيير المواقع لتحقيق نفس الأهداف التي يسعى بنو علمان لتحقيقها في بلاد الإسلام تحت لافتة خادعة، كذا يتوهمون؛ ولكنها لم تعد تخدع إلا أنفسهم، ويظنون أنهم فعلا قادرون على ممارسة الخديعة بمثل هذه التفاهات.
تقول القاعدة “أن المحارب لا يغير عقيدته وإنما يغير مكانه”، وهذا ما يفعله المتعلمنون الحداثيون؛ من حركة إلى حركة، ومن جمعية إلى أخرى، تعددت الأسماء والهدف واحد، فكلما انكشفت سوأتهم في تجمع معين نقضوه وأسسوا غيره وتبادلوا الأدوار، فيا سبحان الله على هذا الإصرار والعناد من هؤلاء نصرة للباطل وحربا للصلاح!!
وهذه هي حقيقة يقظتهم؛ فهم يقظون فقط لحماية الفساد والاستبداد، ويقظون فقط لمحاربة الصلاح والتدين، ويقظون فقط لنشر الإباحية والمجون بدعوى الحريات الفردية وحقوق الإنسان، أي استبداد هذا وأية ديكتاتورية هذه، وأي وصاية وتحكم يمارسه من يتهمون الإسلام والمنتسبين إليه بكل ما هم به متسربلون، حقا رمتني بدائها وانسلت…
لماذا يريدون جعل الحقوق حقوقا واحدة؛ هي التي بها يؤمون ولها يدعون وعليها يدافعون؟! وما من مواطن إلا وينبغي أن يخضع لقائمة المطالب الحقوقية التي سطروها قبل أن يرفع صوته بالمطالبة، فإن كانت حقوق اللواطيين والعاهرات والأمهات العازبات والسكارى والعاريات وكل خبث ودنس… فليطالب، وإن كان غير ذلك فإن حركات اليقظة متيقظة! لكل من حاد عن سبيلها وخرج عن نهجها، وتلك هي الحرية الفردية والديمقراطية في أذهانهم، يا لها من سوءة لم تجد لها كساء تستتر به في زمن الربيع والشتاء القارس.
أما آن لهذه الفئة المعدودة أن ترعو وترتدع، وتعلم أن قانون الله في الأرض لن يتغير، ولن تستطيع مهما استقوت بالغير أن تحقق ما سطرت؛ فقد فاتهم القطار!! ولن تتمكن مهما سابقت الزمن وهو يسير بتدبير الله.
إن أخطر ما يعيق التغيير الذي تنشده الأمة الإسلامية ليس هو مكر قوى الاستكبار العالمي بالخارج، ولكنهم هؤلاء الذين يتكلمون باسم المواطنين والشعوب، لكنهم بمثابة حجرة في الحذاء، و(مسامير جحا) يشوشون على مسار التغيير بالصراخ والنعيق ورفع العقيرة بالمطالب التي لا تشغل بال الغالبية الساحقة من عموم المواطنين الذين ينتسبون إليهم بالقوة.
متيقظون من أجل التمييع، ويتكلمون دون تفويض من الشعب وهو منهم بريء وهم يعلمون، لذلك يمارسون الهجوم المباغث، ويتصرفون تحت غطاء الدعم الخارجي وهو إلى فك الارتباط بهم يسير رويدا، ماداموا لم يحققوا مما وعدوه به شيئا، رغم كل ما اكتسبوه منه من الأموال والامتيازات المادية والمعنوية.