يذكر القاضي خالد شبيب الواوي الذي يترأس اللجنة الحقوقية الخاصة بأسرى ومعتقلي حماة، التي أنشئت في إسطنبول في الشهر 9 في العام المنصرم 2011 بهدف عرض المآسي والمجازر التي ارتكبت بحماة في المحافل الدولية، يذكر أن ملف الشهداء والمعتقلين منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية أصبح متخما جدا، علما أن الأعداد التي تذكرها بعض المنظمات الحقوقية عن أعداد الشهداء والمعتقلين أقل بكثير من الواقع، فأعداد الشهداء وصلت الى نحو 10.000 شخص، واعداد المعتقلين وصلت الى 50.000 أو اكثر، وعدد المفقودين الذين لا يعرف عنهم أحد شيئا تجاوز 20.000.
وقد أصدر الواوي هذه الأحداث -كما يقول- من قلب الأحداث في سورية ومن متابعة دقيقة لأساليب حصر الشهداء وكيفية الإبلاغ عنهم.
فمعظم أهالي الشهداء لا يبلغون عن مقتل أبنائهم في الاحتجاجات للجان حقوق الإنسان، وإلا فستتعرض أسرته للاعتقال بمجرد إذاعة اسمه شهيدا، ولذا فمعظم أسر الشهداء يدفنون أبناءهم في صمت ودون الإشارة إلى كونهم ضحايا لنيران الجيش والشبيحة.
وأوضح القاضي أنه يعمل مع أعضاء اللجنة العشرة على توثيق أعداد القتلى وظروف استشهادهم، وذلك من خلال الحصول على المعلومات الموثقة التي تتمثل في شرائط الفيديو، وتقارير الوفاة التي يصدرها الطبيب الشرعي ومحاضر الشرطة وشهادة الوفاة، وتقارير قاضي التحقيق، وكذلك البينة الشخصية أو شاهد العيان الذي رأى واقعة القتل وكيفية دوثها وفاعلها إن أمكن.
وفي تصريح للقاضي عن عمله سابقا في سوريا أوضح أنه كان محققا ثم محاميا ثم قاضيا عند النظام، وقال متحدثا: “وافقوا على عملي أنا وغيري مع علمهم بتوجهاتي والتزامي الديني من باب تجميل صورة النظام. لكنني كنت مستقلا في كل قراراتي وأحكامي وهو ما سبب إزعاجاً كبيرا لهم، أصدرت مذكرات ضبط وإحضار لشخصيات مهمة وكبيرة للحضور أمامي للتحقيق، مثل ضابط أمن ارتباط القصر اللواء فاروق الموصلى -الذي يعمل الآن مديرا لإدارة المرور في دمشق- وذلك بتهمة إساءة استعمال السلطة وعدم تنفيذ قرار قضائي وإخلال بمهامه، وكذلك العميد خليل خالد مدير مكتب رئيس المخابرات السورية، وقد أزعجهم ذلك حتى طلبني مدير إدارة القضاء وراجعني وراح يهول من طلبي لمثل هؤلاء القادة والضباط، فقلت له:
هل نحن قضاة أم موظفون!
فسكت ولم يرد.
والحقيقة أن القاضي لابد أن يشعر بأنه أكبر من أي موظف أو سلطة حتى يصدر أحكامه العادلة باطمئنان. وقد أصدرت مذكرة ضبط وإحضار لابن النائب العام السوري، وعدد من الشبيحة عندما اختطفوا امرأة من حمص واغتصبوها اغتصابا جماعيا في طرطوس، ولم يستطع أحد أو جهاز في سورية أن ينفذ مذكرتي القانونية.. فمن يستطيع أن يوقف ابن مخلوف أو الأسد أو غيره.
وقد رفضت سحب المذكرة عندما طلب النائب العام مني ذلك وصارت مشاحنة كبيرة تقدمت على أثرها باستقالتي”.