الاهتمام بالقرآن الكريم بداية للانطلاق في مراقي النجاح وسلم الفلاح

إن الوسيلة الأولى لإصلاح النفس وتزكية القلب والوقاية من المشكلات وعلاجها هو العلم، ووسيلته الأولى القراءة والكتاب؛ لذلك نجد أن الله تعالى لما أراد هداية الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور أنزل إليهم كتابا يقرأ، وفي أول سورة نزلت منه بدأت بكلمة عظيمة هي مفتاح الإصلاح لكل الناس مهما اختلفت الأزمان وتباينت البلدان إنها: “إقرأ”، وعليه فمن أراد النجاح وأراد الزكاة والصلاح فلا طريق له سوى الوحيين القرآن والسنة: قراءة وحفظا وتعلما.
إن الإحالة على كتاب يُُقرأ ويُفهم ويطبق هي الطريقة العملية للتغير والتطوير.
ولو تأملنا في حال سلفنا الصالح بدءاً من النبي صلى الله عليه وسلم وانتهاءً بالمعاصرين من الصالحين لوجدنا أن القاسم المشترك بينهم هو القيام بالقرآن وفي صلاة الليل خاصة، والعمل المتفق عليه عندهم الذي لا يرون التهاون به في أي حال هو الحزب اليومي من القرآن، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل”(1) إنه الحرص على عدم فواته مهما حالت دونه الحوائل، أو اعترضته العوارض، لأنهم يعلمون يقينا أن هذا هو غذاء القلب الذي لا يحيا بدونه، إنهم يحرصون على غذاء القلب قبل غذاء البدن، ويشعرون بالنقص متى حصل شيء من ذلك، بعكس المفرطين الذين لا يشعرون إلا بجوع أبدانهم وعطشها، أو مرضها وألمها، أما ألم القلوب وعطشها وجوعها فلا سبيل لهم إلى الإحساس به.
إن قراءة القرآن في صلاة الليل هي أقوى وسيلة لبقاء التوحيد والإيمان غضا طريا نديا في القلب.
إنها المنطلق لكل عمل صالح آخر من صيام أو صدقة أو جهاد وبر وصلة.
لما أراد الله سبحانه وتعالى تكليف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بواجب التبليغ والدعوة وهو حمل ثقيلٌ جداً؛ وجَّهه إلى ما يعينه عليه وهو القيام بالقرآن: “يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً، إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً” [1-7 سورة المزمل].
لقد كثر في زماننا هذا الحديث عن النجاح والسعادة والتفوق والقوة، وكثرت فيه المؤلفات وكل يدعي أن في كتابه أو برنامجه الدواء الشافي، والعلاج الناجع، وأنه الكتاب الذي لا تحتاج معه إلى غيره، والحق أن هذا الوصف لا يجوز أن يوصف به إلا كتاب واحد هو القرآن الكريم.
إن العبد إذا تعلق قلبه بكتاب ربه فتيقن أن نجاحه و نجاته وسعادته وقوته في قراءته وتدبره تكون هذه البداية للانطلاق في مراقي النجاح وسلم الفلاح في الدنيا والآخرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) صحيح مسلم ج1/ص515(747 ) ، صحيح ابن حبان ج6/ص369 (2643 ) ، صحيح ابن خزيمة ج2/ص195 (1171 ) ، سنن النسائي الكبرى ج1/ص458 (1464) ، سنن أبي داود ج2/ص34(1313 ) ، سنن ابن ماجه ج1/ص426 (1343 ) ، سنن الترمذي ج2/ص474(581)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *