تنبيه للقارئ الكريم:
وقع في الحلقة السابقة تحت قول الناظم (قبل محرك): ونص على المحرك الذي قبلها فقط دون الذي بعدها لأن ما قبلها لا يكون إلا متحركا بالكسر.
وهو ذهول؛ وصواب العبارة: ونص على المحرك الذي بعدها فقط دون الذي قبلها لأن ما قبلها لا يكون إلا متحركا بالكسر.
نص:
رعاية لأصله في أصلــها قبل دخول جـــازم لفعلهــا
شرح:
قوله: (رعاية) مفعول لأجله أي: (لأجل رعاية) ومعنى رعاية: حفاظا ومحافظة ومنه قولهم رعاك الله أي حفظك.
قوله: (لأصله) أي: لأصل قالون.
قوله: (في أصلها) أي: في أصل الهاء أو الكلمات التي فيها الهاء.
قوله: (قبل دخول جازم لفعلها) أي: قبل أن يدخل الجازم على فعل هذه الكلمات التي اتصلت بها الهاء.
فإن فعلها قبل دخول الجازم وقع فيه قبل الهاء حرف ساكن مانع للصلة.
فالأصل: (يؤديه) (نؤتيه) (نوليه) (نصليه) (يتقيه) (أرجيه) (ألقيه).
فقالون راعى الأصل وهو وقوعها بين ساكن ومتحرك فحذف الصلة.
وورش راعى الحال وهو وقوعها بين محركين فوصل.
وفي هذا البيت جواب عن سؤال مقدر تقديره: لماذا قصر قالون الهاء في هذه الكلمات؟
فقال: لأجل مراعاة الأصل واعتباره.
وقول الناظم: (قبل دخول جازم لفعلها) تجوُّز فإن (أرجه) و(ألقه) ليسا مجزومين وإنما هما فعلا أمر مبنيين.
نص:
وصل بطه الها له من ياته على خلاف فيه عن رواتـــه
شرح:
هذا هو الموضع المختلف فيه عن قالون.
قوله: (وصل بطه الها له) أي أثبت أيها القارئ صلة الهاء (بطه) أي: في سورة طه (له) أي لقالون.
قوله: (من ياته) أي في لفظ: (ياته) وهو قوله تعالى: (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ).
قوله: (على خلاف فيه) أي صل هاء لفظ (ياته) على خلاف فيه.
قوله: (عن رواته) أي: عمن روى رواية قالون من طريق أبي نشيط.
قال الداني في رواية أبي نشيط: واختلف في الصلة فأقرأني ذلك أبو الفتح بالصلة وأقرأنيه أبو الحسن بالاختلاس. (شرح الدرر اللوامع للمنتوري الورقة 139/ أ ).
والوجهان مشهوران.
قلت: والمقدم قراءة الصلة.
وإليه أشار ابن غازي قائلا:
والوصل عنهما بياته فضلا الفجر الساطع 2/57.
نص:
ونـــــافع بقصر يرضه قضى لثقل الضـــم وللذي مضــى
شرح:
قوله: (ونافع بقصر يرضه قضى) أي: ونافع قضى بمعنى حكم وأمر بحذف صلة الهاء من قوله تعالى (يرضه) بسورة الزمر وهو (يرضه لكم) باتفاق راوييه قالون وورش.
قوله: (لثقل الضم) اللام لام التعليل ومعناه إنما قصر نافع هاء (يرضه) لأجل ثقل ضمة الهاء فإنها لو وصلت لتوالت ثلاث ضمات: ضمة الهاء والواو بمقدار ضمتين.
قوله: (وللذي مضى) معناه: وكذلك لأجل ما تقدم وهو رعاية أصل الفعل قبل دخول الجازم عليه فإن أصل (يرضه) يرضاه فدخل عليه الجازم فصار يرضه.
ولم يكــــن يراه في هــــاء يـــره مع ضمها وجزمه إذ غيره
قوله: (ولم يكن يراه) أي لم يكن نافع من رواية قالون وورش (يراه) أي يرى القصر فالضمير في يراه يعود على القصر.
قوله: (في هاء يره) يعني في هاء لفظ (يره) وذلك في ثلاثة مواضع: (خيرا يره) (شرا يره) (أن لم يره أحدا).
قوله: (مع ضمها) أي: مع كون الهاء متحركة بالضم.
قوله: (وجزمه) أي. وكون فعلها مجزوما.
قوله: (إذ غيره) معناه: إذ غير الجازم ذلك الفعل حين دخل عليه.
نص:
لفقد عينه ولامـه فقد نــاب له الوصل مناب ما فقد
قوله: (لفقد عينه ولامه) اللام لام التعليل والضمير يعود على الفعل والمعنى لم يكن نافع يرى القصر في يره رغم كونه مثل يرضه في الحال
وذلك لأجل كون يرضه حذف منه حرفان وهما عينه أي عين الفعل التي هي الهمزة ولامه التي هي الياء
فأصل فعل (يره) هو (يرأي) على وزن يفعل تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصار (يرأى) ثم نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وجوبا فحذفت الهمزة فصار يرى فدخل عليه الجازم فحذفت الآلف فصار(ير) ثم اتصلت به هاء الضمير فصار(يره).
قوله: (فقد ناب له الوصل) أي إنما وصلت الهاء من يره لتنوب الصلة فيه (مناب ما فقد) أي نيابة عما حذف منه.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.