في أكتوبر 2010 اعتمدت فرنسا خطة عمل، لتنفيذ قرارات: “المرأة والسلام والأمن”، وفق أهداف محددة، من بينها “حماية المرأة من العنف”، فهل يا ترى تم اعتماد هذه الخطة من فراغ، أم لأن العنف ضد المرأة مستشر في فرنسا “معقل الحريات”؟
وإن كان الأمر كذلك، فلماذا تستأسد نسائيات المغرب، لما استنوق رجالهن، متاجراتٍ بالعنف ضد النساء، وكأن المغرب حطم الرقم القياسي في هذا المجال؟
بل إنهن يغتنمن الفرصة بدعوى حماية النساء من عنف الرجال، للقضاء على كل قيمة تمت للإسلام بصلة، لقضاء مآرب “السيداو”، دون النظر إلى أسباب العنف. كمن يريد محاربة المخدرات، مطاردا المستهلكين، عوض القضاء على المنتجين، واستئصال معاقل الإنتاج، كما هو منطقهن المقلوب والمستدام! وبشكل واضح، على الرغم من الجعجعة وكثرة الضجيج، هل يستشري العنف ضد المرأة داخل أسرة تلتزم الإسلام قلبا وقالبا؟ أم أنه يستشري وسط مدمني الخمور، ومن لا يرقب في المرأة إلا ولا ذمة؟
وحتى نفهم أسباب استئساد النسائيات واستبدادهن، لابد من الرجوع إلى خلفياتهن الفكرية، ورموزهن الملهِمة، والتي تتلخص في هيامهن المطلق بكل ما تأتي به فرنسا ومواطنوها، وإليكم أدلة، تفضح التبعية الصارخة التي يتميز بها النسائيات اللواتي ما هن إلا مجرد أذناب خلفهن الاستخراب الفرنسي، ضامنا بهن وجوده بعد خروجه.
ففي ظل الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوربي سنة 2008؛ تم اعتماد “المبادئ التوجيهية بشأن العنف ضد المرأة، ومكافحة جميع أشكال التمييز ضدها”، وقد أيدت فرنسا إعطاء الأولوية من قبل الممثل السامي للاتحاد الأوربي للشؤون الخارجية في تعزيز حقوق المرأة في العلاقات الخارجية للاتحاد الأوربي.
وبتحريض من فرنسا تم تشكيل مجموعة عمل بشأن التمييز ضد المرأة في التشريع والممارسة، في الدورة الخامسة عشرة لمجلس حقوق الإنسان سنة 2010، لتكملة النظام القائم. وقد ساندت فرنسا إنشاء “الأمم المتحدة من أجل المرأة”، حينما كانت عضوا في مجلسها الإداري في 2011.
ولأن وقاحة فرنسا وصفاقتها لا حدود لها، فقد اعتمدت سنة 2007 “خارج حدودها الجغرافية”؛ استراتيجيا: “المساواة بين الجنسين والتنمية”، وخطة عمل لتمكين المرأة في إفريقيا سنة 2009 لمدة ثلاث سنوات. وتستند الفلسفة الكامنة وراء التعاون الفرنسي على محورين، هما: احترام حقوق الإنسان، والحرص على زيادة المعونة، من خلال:
1-الدعوة السياسية، 2-دعم إجراءات محددة لتعزيز المساواة، 3-تعميم المنظور الجنساني في جميع القطاعات.
كما وضعت فرنسا، بشراكة مع “الأمم المتحدة نساء”، برنامجا لمكافحة أنواع العنف، رصدت له 1500000 يورو ، على مدى ثلاث سنوات، في العالم العربي: “الجزائر والأردن والمغرب”، وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: “الكاميرون ومالي والنيجير”. كما وضعت برنامج: “ولوج النساء إلى العدالة في أفغانستان”، رُصِد له 500.000 أورو ، كما تمول أيضا شباب خبراء في مقر “الأمم المتحدة من أجل المرأة”.
وفي برنامج التعاون المسمى: “النوع والتماسك الاجتماعي” من أجل توظيف الفتيان والفتيات في المغرب وتونس ومصر، بالتعاون مع مكتب التشغيل الدولي، رصدت فرنسا 500000 أورو، بين 2012-2013.
فهل كل هذه الأموال المرصودة، والاهتمام المبالغ فيه بفتياتنا، لسواد عيونهن، ولأن فرنسا تبتغي لهن الخير، أم لهدم قيمنا ونشر قيمها، بأيدي “بنات” جلدتنا؟
أو ليست هذه الأموال هي سبب استئساد النسائيات واستبدادهن؟
أولم يُسِل رنين “الأورو” وبريقه وخشخشة أوراقه لعاب النسائيات، فطفقن لا يلوين على شيء، إلا الاستزادة منه، والإخلاص والتفاني في تطبيق ما تمليه فرنسا بحذافيره، مصطلحاتٍ وأفكارا؟
والدليل القطعي الثبوت والدلالة هو: إخراج الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني لوثيقة، تكشف عن قيمة المساعدات التي صرحت الجمعيات المغربية بتلقيها من دول أجنبية خلال ست سنوات الأخيرة، أي ما بين 2006 و2011، بلغت 626 مليون 875 ألف و486 درهم.
وتأكيد الوزير الحبيب الشوباني خلال تقديمه لعرض مشروع الميزانية الفرعية لوزارته بمجلس النواب، على أن عدد الجمعيات التي صرحت بتلقيها دعما أجنبيا ارتفع من 80 جمعية، سنة 2006، إلى 352 جمعية سنة 2011.
وهل بعد كل هذه الأدلة الدامغة ستبقى ذرة من شك تراود كل غيور في: أن النسائيات لا “يناضلن” حبا في المرأة، وإنما حبا في “الأورو” والشهرة؟
وهكذا يتضح سرّ الاهتمام المفرط بما يسمى محاربة العنف ضد المرأة، ومكافحة كل أشكال التمييز ضدها، في الغرب المصدر للحقوق الكونية وفي عالمنا العربي بأيدي فئة من بنات جلدته، كما يفضح سر محاولة فرض اتفاقية العار بشأن المرأة، المسماة “بالسيداو”، جملة وتفصيلا، ودون أدنى تحفظ؟
بمعنى أن السر يكمن في اغتناء النسائيات على حساب قيمنا وكرامة نسائنا من جهة، ومن جهة أخرى نشر قيم الغرب لاستدامة وجوده في العقول والوجدان، كي تسلم له خيرات بلداننا طواعية، بل وبامتنان.
فكفى النسائيات استئسادا بهذا الغرب الذي لم يحترم بما سطره حتى لنفسه، وليأبْن إلى الله، وليعترفن أن البيت الذي يلتزم فيه الزوجان بتعاليم الإسلام، لا يعرف إهانة للمرأة، بل بالعكس يتم تبجيلها والرفع من شأنها، وإن كان من أخطاء فهو في التطبيق، وليس في الإسلام نفسه، لأن المشكل يتضخم كلما تجزأ الإسلام، وهو الدين الشمولي، الذي يشمل جميع مجالات الحياة، إذا سحب منه مجال، تداعت باقي المجالات واضطربت.
فمنظومة حقوق الإنسان الدولية، ما هي إلا عصا سياسية تلوح بها القوى الاستعمارية في وجه من يشق عصا الطاعة في وجهها، لأنها لم تصن للمرأة كرامة، ولا حفظت لها حقوقا، بل على العكس من ذلك، وهذا ما تصرح بها العاقلات من نساء الغرب، وإلا لما كان كل هذا الاهتمام في الغرب، وفرنسا على وجه الخصوص، قبلة النسائيات المفضلة، بالحالة المزرية للمرأة على الرغم من المظاهر الخداعة، التي تكشف حقيقتها التقارير والإحصائيات، من اعتداء جسدي واغتصاب وزنا المحارم والحمل سفاحا والإدمان على المخدرات والتعرض للقتل من قبل الزوج أو الصديق، فضلا عن التحرش الجنسي والمضايقات في الشارع والمدرسة وأثناء العمل، واستغلال الرجال للنساء ماليا، واستغلال جسد المرأة وأنوثتها في الإعلانات التجارية.. وهلم جرا من المظاهر التي تجعل من حقوق النساء المزعومة خيالا لا يمت لواقعها في الغرب بصلة، كما تجعل كرامتها في الحضيض.
وكان من آخر منتجات حقوق المرأة، ما أصبح يعرف بـ”فضيحة الدعارة”، والتي أعلنت عنها وزارة الدفاع الأمريكية، وقالت إن عشرة عسكريين أمريكيين على الأقل قد يكونون ضالعين فيها، مما هز جهاز الحماية الشخصية للرئيس باراك أوباما، أثناء وجوده في كولومبيا.