عن أي امرأة “تدافع” النسائيات؟ ذ. الحسن العسال

هل تدافع النسائيات عن كل نساء المغرب، أم أنهن يمارسن العنصرية والانتقاء؟ أم أنهن يدافعن عن قيم حداثية، أكثر مما يدافعن عن المرأة بما هي إنسان؟
كثيرا ما “دافعن” عن الزانيات، اللواتي يسمينهن تمويها الأمهات العازبات، تقليدا وتبعية لفرنسا التي منها استعرن هذا المفهوم، كما هو ديدنهن، لأنهن عاهدن أنفسهن على وضع عقولهن جانبا، والاكتفاء بما يرد من فرنسا، والغرب على وجه العموم.
فهل دفاعهن دفاع عن المرأة، أم هو دفاع عن الفاحشة؟
هل تُرفع عقيرتهن، وتعلو أصواتهن، ويكثر ضجيجهن، كلما سمعن عن امرأة مظلومة؟ أم أنهن لا يدافعن إلا عن نوع من النساء، يقضين بهن مآربهن الحداثية، وشهواتهن “السيداوية”.
فهن بهذا يتاجرن سياسيا بنساء المغرب. وإلا لو كن يدافعن عن المرأة، لدافعن عن كرامتها، ومن كرامة المرأة عرضها، والعرض من الدين، بل من كلياته الخمس، فضلا عن أنهن يَدْفَعْنَ في اتجاه خلق أسر هشة، تتميز بأحادية الأبوين، مما يجعل من الطفل المجهول النسب شخصا مهزوز الشخصية، مضطرب النفسية، لأنه ابن زنا، ولأنه لا يعرف إلا الأمومة دون الأبوة.
نعم، إن الوازرة لا تزر وزر أخرى، لكن النسب الشريف لا يقارن بالنسب المجهول، إلا إذا قارنا السيف بالعصا، فإذا فعلنا شجعنا على إحداث مجتمع اللقطاء، وهذا ما ترغب فيه النسائيات!
ولنضرب أمثلة على الانتقاء القيمي والفكراني/الإيديولوجي الذي تمارسه النسائيات، تجاه المرأة، ليظهر بوضوح أن الهدف ليس هو المرأة في حد ذاتها، ولكن المقصود أولا وأخيرا، هو تنزيل أفكار النسائيات المستوردة، والمصادمة للهوية، على أرض واقع مسلم.
فعلى سبيل المثال الواقعة التي حدثت في ما يسمى بـ”موروكو مول”، ولم تحرك ساكنا في النسائيات، اللواتي لم ينتفضن “دفاعا” عن المرأة كما يدعين ويروجن.
هذه الواقعة تمثلت في: منع رجال الأمن الخاص لثلاث نساء يرتدين العباءة الصحراوية، من دخول “موروكو مول”، بالعاصمة الاقتصادية، بحجة أن أرباب هذا الفضاء الاقتصادي، يمنعون دخول من ينتعل نعلا!!!
والمثال الثاني تمثل في الشريط السينمائي “الوعد” الذي اعتبر إهانة للمرأة المغربية بامتياز، حيث صورت فيه على أنها لم تخلق إلا للدعارة.
تقول إحدى طالبات المدرسة العليا للسياحة: إن مسؤولي الفيلم، تعاملوا مع المرشحات كما لو أنهن عاهرات، وطلبوا منهن ارتداء تنورات قصيرة، والبقاء في الشارع إلى حوالي الرابعة صباحا من أجل تصوير مشاهد فاضحة.
إلا أن العشرين طالبة المرشحة للقيام بهذه الأدوار المهينة رفضنها، فاستنجد المسؤولون عن الشريط السينمائي بمومسات مدينة طنجة، اللواتي يذبحن شرفهن كل ليلة في الملاهي الليلية.
وأثناء هذه الدعارة السينمائية تم تصوير المرأة المغربية بأنها لا تخرج من ملهى، إلا لتدخل إلى فندق، ثم تتوجه إلى الشارع كفتاة رصيف، في مشاهد رقص خليعة، وحالات سكر وعربدة.
ومع هذه الإهانة المُغلظة لكرامة المرأة، لم تحرك في النسائيات ذرة من غيرة على بنات جنسهن اللواتي يدعين الدفاع عنهن، ويملأن الدنيا زعيقا، ويشغلن الناس بترهاتهن التي يتقاضين عليها أجرا من الأسياد.
وبما أن النسائيات أصابهن الخرس للدفاع عن كرامة المرأة في ما يسمى بالفن، فإن الفتاة المحجبة لن تحلم بالدفاع عنها، ولو أصابها من الظلم ما أصابها بسبب حجابها، وهذا ما وقع للطالبة ياسمينة التي تفاجأت يوم 11 أبريل المنصرم، موعد اجتياز امتحان الولوج لثانوية ديكارت، بعدما استوفت جميع الشروط، وتم قبولها.. فوجئت بمنعها من دخول المؤسسة بدعوى ارتداء الحجاب، الذي تشبثت به، رغم إصرار صديقاتها لها، على أن تخلعه، “بصفة مؤقتة”! إلى حين اجتياز الامتحان.
وكأن ثانوية ديكارت قطعة من الأرض الفرنسية، يطبق فيها القانون الفرنسي الصادر سنة 2004، والذي يحظر ما يسمى في عرفهم بارتداء الرموز الدينية، داخل المؤسسات التعليمية الفرنسية فوق التراب الفرنسي!
لهذا أتساءل، وأدعو القراء الكرام أن يتساءلوا معي، عن أي امرأة “تدافع” النسائيات، مادمن لا يدافعن عن نساء امتهنت كرامتهن، ولا عن فتيات يرفضن أن تمتهن كرامتهن؟
مما يجعل دعوى “الدفاع” عن القاصرات داحضة، بسكوت النسائيات المخزي، عن الدفاع عن انتهاك أعراض قاصرات في الحانات والملاهي الليلية والشقق المفروشة، وكأني بهن يطبقن القانون الإيطالي، الذي يعتبر أن الرابع عشرة سنة من العمر هو السن القانوني لممارسة الزنا طوعا، إلا أن يدفع مقابل هذه الممارسة مال لصالح المومس، فإنه يمنع، دون الثامنة عشر من العمر.
هل تريد النسائيات أن تصبح بناتنا مثل كريمة المحروقي المشهورة بروبي؟ والتي مرغت كرامة المرأة المغربية في التراب، بعدما نُشِرت فضائحها على الملأ، لأن المدعين الإيطاليين صرحوا بأنها كانت تبلغ من العمر ست عشرة سنة، حينما استغلها رئيس وزراء إيطاليا برلوسكوني بين 2009 وماي 2010، وزنى بها ثلاث عشرة مرة.
لماذا لا تدافع النسائيات عن فتيات في عمر الزهور استغللن البعد عن الأهل “لطلب العلم”، فأصبحن يطلبن المتعة الحرام؟ وأعني بهن الطالبات، اللائي تحولن إلى طالبات هوى، في مدينة العرفان بالرباط، التي ربما ستتحول هي الأخرى، لا قدر الله إلى مدينة الزنا المتحضر.
إن ما يقع في مدينة العرفان هو نتاج أفكار النسائيات اللواتي يناضلن من أجل بثها في مجتمعنا، فإحدى الطالبات العاهرات تعتبر الزنا “من ضروريات العصر.. وجزء من الحرية الشخصية التي يجب أن تنعم بها المرأة، لتتساوى بها مع الرجال الزناة الذين يضاجعون عدة بنات.. فلماذا التقاليد تلزم الفتيات وحدهن الحفاظ على العذرية، رمز الشرف، والاقتصار على زان واحد؟”.
أين أصوات النسائيات؟ ونساء المغرب البائسات يلدن أمام المستشفيات كالمنبوذات!
يتضح جليا، من هذا كله، أن النسائيات، بدعوى الدفاع عن المرأة، لا يعملن إلا على المتاجرة بمعاناتها، لتطبيق أفكار مستوردة، وتنفيذ مخططات أجنبية، باسم حقوق المرأة، التي لا تعني في عقولهن، إلا حقوق المرأة كما يفهما ويريدها الغرب، والتي يراد إسقاطها غصبا على مجتمع مسلم.
فهل سَنَحِنُّ إلى زمان، كانت جاهليته أشرف من جاهلية القرن الواحد والعشرين، يوم كان يقال “تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *