الزجر عن كتم الشهادة

قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}البقرة228.
وقال سبحانه: {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}البقرة283.
وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}النساء135.
وقال عز من قائل: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ}المائدة106.
وعن طارق بن شهاب قال: كنا عند عبد الله جلوسا، فجاء رجل فقال: قد أقيمت الصلاة، فقام وقمنا معه، فلما دخلنا المسجد رأينا الناس ركوعا في مقدم المسجد، فكبر وركع وركعنا، ثم مشينا وصنعنا مثل الذي صنع. فمرَّ رجل يسرع فقال: عليك السلام يا أبا عبد الرحمن. فقال: صدق الله رسوله. فلما صلينا ورجعنا دخل إلى أهله فجلسنا فقال: بعضنا لبعض، أما سمعتم رده على الرجل؟ صدق الله وبلغت رسله؛ أيكم يسأله؟ فقال طارق: أنا أسأله. فسأله حين خرج، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق وظهور القلم. (صحيح؛ أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/407-408).

من فقه الباب:
1- تحريم كتم الشهادة لأن كتمها فجور، وبخاصة إذا كان المرجع في الأمر إلى الشاهد، لأن الحق لا يعلم إلا من جهته، ويتعذر إقامة البينة، كما في الآية الأولى والرابعة.
2- لا يجوز تحريف الشهادة وتغييرها وتعمد الكذب، لأنه من الكبائر المهلكة، كما سيأتي في باب تحريم شهادة الزور.
3- من علم شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد، فيستحب أن يأتيه ويخبره أنه شاهد له، فإن فعل ذلك كان خير الشهود وشهادته خير شهادة. لحديث زيد بن خالد الجهني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا أخبركم بخير الشهداء، الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها”. مسلم:1719.
وهذا لا يتعارض مع كراهية الشهادة لمن لم يستشهد.
4- ينبغي ألا يحول بين شهادة الحق عائق، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه”.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة (1/325): “وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس، أو طمعا في المعاش. فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء كالضرب والشتم، وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه، ونحو ذلك، فهو داخل في النهي ومخالف للنبي صلى الله عليه وسلم” (انظر: موسوعة المناهي الشرعية في صحيح السنة النبوية؛ للشيخ سليم الهلالي 2/369).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *