تغطية خاصة لاعتصام أسرى حرب الصحراء مصطفى الحسناوي/إبراهيم بيدون

قامت جريدة السبيل بزيارة لأسرى حرب الصحراء في معتصمهم الذي يتوزع على الساحة المقابلة لمقر البرلمان والأزقة المحاذية له، لتقف على مأساة من مآسي هذا الوطن التي يتداخل فيها السياسي والحقوقي والاجتماعي والإنساني.
وتعود مأساة هؤلاء الأسرى البالغ عددهم 2400 أسير (بقي منهم ألفان على قيد الحياة) لسنة 1976 (سنة بعد المسيرة الخضراء)، حين تصدى الجيش المغربي للهجوم الذي شنه الجيش الجزائري على مدينة أمغالا، فتم أسر عدد كبير من الجنود المغاربة، وأسر الباقي على دفعات خلال حروب العصابات التي كانت تنشب بين الجيش المغربي وجبهة البوليساريو، وقد عاش الأسرى المغاربة في سجون مخيمات القهر والذل سنوات من الألم ذاقوا فيها أشد ألوان العذاب والقهر، إلى أن أفرج عنهم تباعا؛ كان آخر دفعة سنة 2005، حيث قضى أوفرهم حظا مدة 20 سنة في الأسر.
سامر عبد الله عضو “اللجنة/التنسيقية لأسرى حرب الوحدة الترابية”، الذي ألقي عليه القبض سنة 1980 وعمره 23 سنة ، وأفرج عنه يوم 8/11/ 2003، تزوج حديثا وله ابن عمره عام وثلاثة أشهر، أخبرنا أن الأغلبية الساحقة للأسرى يتجاوز عمرهم الخمسين سنة، لهم أبناء لا يتجاوزون السنتين، لأنهم لم يتزوجوا إلا مؤخرا.
حالات اجتماعية تستحق الدراسة والتأمل، آباء في عمر الشيخوخة يرزقون بأطفال صغار يجهلون أي مستقبل ينتظرهم بعد أن تنكرت لهم بلادهم وتركتهم يصارعون المجهول من قادم الأيام والسنين، هذا هو الهاجس المؤرق عند من تحدثنا معهم، “نحن لا نريد شيئا لأنفسنا نحن ما يحز في أنفسنا هو مصير أطفالنا بعد أن بلغنا من الكبر عتيا، هل سيعيشون ب 1500 درهم؟ هل هكذا تكرم الدول جنودها وحماة حدودها وأمنها؟ لم يعد يهمنا أي شيء؛ قدمنا أرواحنا في سبيل بلادنا ومستعدون لتقديمها في سبيل أولادنا”؛ كان هذا لسان حال جميع من تحدثنا إليهم، وهم يعبرون عن مأساتهم بلغة حزينة ممزوجة بالمرارة.
مرارة يؤجج شرارتها الامتيازات التي حصل عليها جلادوهم الذين أذاقوهم العذاب ألوانا، وأرغموهم على أفعال وأقوال حاطة من الكرامة الإنسانية، استفادوا من امتيازات لا حصر لها فيما سمي “بالوطن غفور رحيم”، يصرح أحد أعضاء التنسيقية بالقول إن أحد أولئك الجلادين كان يقول لهم: سنحكمكم هنا وأيضا هناك في المغرب.
وعن مطالبهم علمت السبيل أن الأسرى الذين لا تريد الجهات المسؤولة الاعتراف لهم بهذه الصفة، خاضوا أول اعتصام لهم بتاريخ 23/5/2011 إلى يوم 30/7/2011، على امتداد 67 يوما، ليتوج باتفاق جزئي بعد لقاءات مع عدد من المسؤولين على رأسهم العامل الملحق بولاية الرباط سلا زمور زعير محمد ركراكة، وإدريس اليازمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأعضاء السلطة المحلية، ومندوب مؤسسة العمران، ومندوب وزارة الإسكان، حيث تم الاتفاق على:
– الاستفادة اللامشروطة من السكن الاجتماعي.
– الاستفادة اللامشروطة من المأذونيات.
وتم استلام المحضر الموقع من طرف السلطة وممثلي الأسرى المعتصمين، مقابل تعليق الاعتصام.
بعد مرور أربعة أشهر من توقيع محضر الاتفاق، اكتشف الأسرى أن السلطات تنكرت لوعودها، ليدخل المعتصمون في دوامة من التسويف والتماطل ومتاهة الدهاليز والمكاتب، ويقرروا خوض اعتصامهم الثاني الذي ابتدأ من يوم 26/3/2012، أي ما يقارب 100 يوم، وقد أكد المعتصمون أن الجهة الوحيدة التي تتواصل معهم وتتبنى قضيتهم هي حزب العدالة والتنمية كحزب ونواب ووزراء.
ويجمل المعتصمون مطالبهم حسب الذين استمعت لهم السبيل في:
– ردّ الاعتبار.
– الاعتراف بهم بصفتهم أسرى حرب.
– جبر الضرر.
– التعويض المادي والمعنوي قبل وبعد اتفاق وقف إطلاق النار.
الوطن يحتضن الجميع، فلماذا يتنكر لمن ضحوا بالغالي والنفيس؛ لمن غامروا بأرواحهم لأجل الدفاع عن أمنه وكرامته؟
لماذا يحرمهم الخبز اللذيذ، والمسكن اللائق، والحياة الهنية، وقد قاسوا أكثر من عشرين سنة؛ حرموا فيها ظروف العيش الإنساني، ولاقوا صنوف الهمجية والتعذيب، هل هذا هو مغربنا الذي يحتضن ويرحم أبناءه؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *