شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

قوله: (والخلف عن قالون في المنفصل 1) معناه واختلف عن قالون في مد المنفصل وقصره.
روي عنه الإشباع وروي عنه القصر.
قال أبو عمرو الداني: الوجهان جيدان عن قالون.
2قلت: والمقدم في الأداء لجل المغاربة المد .
3قال ابن غازي في تفصيل العقد :
ويشبع المفصول عبد الصمد ويوسف والمروزي في الأجود
المروزي هو: أبو نشيط
واستحسن الشاطبي رحمه الله تعالى القصر فقال:
فإن ينفصل فالقصر بادره طالبا بخلفهما يرويك درا ومخضلا
ورجحه الخراز وشهره الجعبري.
وقال علم الدين السخاوي: أشار بقوله: (بادره) إلى استحسانه للفرق بين ما يلزم فيه المد ولا يزول بحال وبينما هو بصدد الزوال؛ لأنه إذا وقف على الكلمة الأولى زال المد وبعضهم رجح القصر. شرح حرز الأماني للسخاوي.
وقال المنتوري معلقا على قول الشاطبي: لا يفهم منه ترجيح القصر في المنفصل لقالون؛ وإنما أشار فيه إلى أن القصر في المنفصل وجه مستحسن لمن أخذ به من القراء.اهـ الفجر الساطع 2/126.
وروي عن قالون قول ثالث بالتفصيل وهو قصر المنفصل لفظا ومعنى نحو (بما أنزل).
وإشباع المنفصل في المعنى دون الخط نحو: (يا أبت).
ذكره السملالي والد يحيى بن سعيد في كتابه شم روائح التحفة تحصيل المنافع ص 45 مخطوط.
4والخلاف المذكور هنا خلاف في طريق أبي نشيط وليس خلافا بين طرق قالون .
وقول الناظم: (والخلف عن قالون في المنفصل) مفهومه أن ورشا لا خلاف عنه في إشباع المنفصل وهو كذلك.
نص:
نحو بما أنــزل أو ما أخفي لعدم الهمزة حال الوقـــف
شرح:
قوله: (نحو بما أنزل) هذا مثال للمنفصل خطا ولفظا
وفي كلامه جواب عن سؤال مقدر فكأنه قيل له: وما مثال ذلك؟ فأتى بالجواب.
قوله: (نحو بما أنزل) يريد قوله تعالى: (بما أنزل إليك) في سورة البقرة والنساء والرعد.
قوله: (أو ما أخفي) يريد قوله تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) في السجدة.
ومثال الياء والواو: (في أمري) (قالوا أئنك).
5ومثال المنفصل في المعنى دون الخط (يأيها) (يا ءادم) (يا أبت) (يا أخت) وشبه ذلك .
قوله: (لعدم الهمزة حال الوقف) هذا تعليل للقصر فكأنه يقول: واختلف عن قالون في المنفصل.
فقيل: بالإشباع اعتبــارا بالوصل فإن الهمزة متصلة بحروف المد في وصل القراءة.
وقيل بالقصر لانعدام الهمزة في حال الوقف فإنها منفصلة عن حروف المد في الوقف.
والخلف في المد لما تغيـــرا ولسكون الوقف والمد أرى
قوله: (والخلف في المد لما تغيرا) معناه: وجاء الخلاف عن قالون وورش في المد لما تغير.
قوله: (لما تغيرا) معناه لأجل تغير سبب المد وهو الهمز والسكون.
فأما الهمز فيتغير بالتسهيل وبالبدل وبالنقل وبالحذف.
فالتغير بالتسهيل لورش نحو: (واللاء) في الوصل.
ولقالون فنحو تسهيل الأولى من كل همزتين مكسورتين من كلمتين نحو: (من النساء إلا) وهو كثير.
أو مضمومتين وذلك في: (أولياء أولئك) وحده وليس في القرآن غيره.
وأما تغير الهمز بالبدل لورش فنحو (اللاء) في الوقف تبدل همزته ياء.
وأما تغير الهمز بالحذف فهو يخص قالون.
6فإنه يحذف الأولى من الهمزتين المفتوحتين في كلمتين نحو: (جا أمرنا) و(شا أنشره) .
وأما التغير بالنقل لورش خاصة في نحو (من ـ امن).
وأما السكون فإنه يتغير بالوصل لقالون وورش في (الم الله) لا غير.
وبالنقل لهما في (ءالان) في الموضعين في يونس.
ولورش في: ( الم أحسب الناس) خاصة.
ففي كل هذا ثلاثة أقوال:
قيل بالإشباع وقيل بالتوسط وقيل بالقصر. وسيرجح المصنف بعد هذا الإشباع.
قوله: (ولسكون الوقف) معطوف على ما قبله ومعناه: والخلف واقع في المد أيضا لأجل سكون الوقف.
وهذا فيما إذا سكن المتحرك في الوصل بسبب الوقف عليه نحو:
(يعلمون) (الحساب) (المؤمنين).
ففي هذا عن ورش وقالون ثلاثة أقوال: قيل بالإشباع وقيل بالتوسط وقيل بالقصر.
ويخرج عن هذا الخلاف أشياء منها:
ـ الوقف على ذي السكون اللازم نحو: (محياي) على رواية الإسكان ونحو (حادّ) و(الدوابّ) فليس في الوقف على هذا النوع إلا الإشباع.
ـ الوقف بالسكون الخاص كالوقف على التاء بالهاء في نحو (الصلاة) و(الزكاة) و(مناة) و(الحياة) و(تقاة) و(مزجاة) و(التوراة) و(مرضاة) فقيل لا يوقف عليه إلا بالإشباع7 .
وكالوقف بالياء مبدلة من همزة في: (اللاء) لمن يقرؤها في الوصل بالتسهيل.
ـ الوقف على المهموز نحو: (جاء) و(سوء) فليس إلا الإشباع سواء وقفت بالسكون أو بالإشارة.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.
————————–
1 – المد المنفصل ما انفصل فيه المد عن سببه ويقال له أيضا: – مد الفصل لأنه يفصل بين الكلمتين. – ومد البسط لأنه يبسط بين الكلمتين. – ومد الاعتبار لاعتبار الكلمتين من كلمة. – ومد حرف بحرف أي مد كلمة بكلمة. والمد الجائز من أجل الخلاف في مده وقصره. الإتقان للسيوطي 1/258.
قال ابن أبي السداد المالقي في الدر النثير 1/299: والحافظ (الداني) وغيره من القراء قد يعبرون عمن يمد المنفصل بأنه يمد حرفا لحرف ومعناه أنه يمد حرف المد في آخر الكلمة الأولى من أجل الهمزة في أول الكلمة الثانية والحرف هنا عبارة عن الكلمة.اهـ
2- وإذا مد فهل يستوي مع المتصل فيه خلاف ينظر في الفجر الساطع 2/128 ـ 129 ومذهب الإمام الداني التسوية نص عليه في جامع البيان.
3- انظر شرح الخباز على التفصيل ص 19 مخطوط.
4- قلت: يبين هذا قول ابن غازي في تفصيل العقد:
ويشبع المفصول عبد الصمد ويوسف والمروزي في الأجود
فالمروزي: هو أبو نشيط وقوله: يشبعه في الأجود مفهومه أن له قولا آخر ليس بالأجود أفاده الخباز في شرحه على التفصيل ص:19 مخطوط.
5- ليس هناك فرق في المد بين المنفصل لفظا ومعنى وبين المنفصل في المعنى دون اللفظ وما ذكر من التفريق بينهما لا يعول عليه وقد فرق قوم فمدوه لقالون في المنفصل معنى المتصل خطا وجعلوه كالمتصل.
وزاد بعضهم ففرق في المنفصل معنى بين مد النداء ومد هاء التنبيه وعلل لهذا بأن الياء ألزم لما بعدها ولأنها نائبة مناب الفعل الناصب وأن الهاء غير عاملة.اهـ بتصرف الفجر الساطع 2/131. قلت وكل هذا لا نص عليه.
6- نص الداني في التيسير على أن الهمز إذا سقط يبقى الألف ممكنة ويجوز قصرها .
7- وبعضهم يرى أن فيه الأوجه الثلاثة كما ذكر البنا الدمياطي في إتحاف فضلاء البشر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *